نام کتاب : المحكم والمحيط الأعظم نویسنده : ابن سيده جلد : 8 صفحه : 216
قولِهمِ : ضَرَبْتُ زيداً وعَمْراً لَقِيتُه ، فكأنه قال : ولَقِيتُ
عَمْراً لتَتَجَانَسَ الجُمْلتانِ فى التركيبِ ، فلولا أن البَيْتَيْن جميعاً عند
العربِ يَجْريان مَجْرَى الجُملة الواحدة لما اختارتِ العربُ والنحويُون جميعاً
نَصْبَ الذِّئْب ، ولكن دَلَّ على اتِّصال أحدِ البَيْتيْن بصاحِبه وكَوْنهما معاً
كالجُملةِ المَعْطوفِ بعضها على بعضٍ ، وحُكْمُ المَعْطوفِ والمعطوفِ عليه أن
يَجْرِيا مَجْرَى العُقْدةِ الواحدة ، هذا وَجْهُ القِياسِ فى حُسْنِ التَّضْمين ، إلا أنَّ بإزائه شيئاً آخَرَ يَقْبُحُ التَّضْمِينُ لأَجْلِه وهو أنَّ أبا الحَسَنِ وغيرَه قد قالوا : إنّ
كُلَّ بيتٍ من القصيدةِ شِعْرٌ قائمٌ بنَفْسِه ، فمن هنا قَبُحَ التَّضْمِينُ شيئاً ، ومن حيثُ ذكَرْنا من اخْتِيار النَّصْبِ فى بيتِ
الرَّبيعِ حَسُنَ ، وإذا كانت الحالُ على هذا فكُلَّما ازْدادتْ حاجةُ البَيْتِ
الأَوَّل إلى البيتِ الثانى واتَّصَلَ به اتِّصالاً شديداً كان أَقْبَحَ ممّا لم
يَحْتَجِ الأَوَّلُ فيه إلى الثانى هذه الحاجَة ، قال : فَمِنْ أشَدِّ التَّضْمِين قولُ الشاعرِ رَوَيْناه عن قُطْرُب وغيرِه :