وقوله عامِيَةٍ أعْماؤُهُ أراد مُتنَاهِيَةً فى العَمى
على حَدّ قولهم لَيْلٌ
لائِلٌ ، وكأنه قال : أعْماؤُه
عامِيَةٌ ، فَقَدَّم
وَأخَّرَ ، وقلَّما يَأْتُون بهذا الضَّرْب من المُبالَغِ به إلَّا تابِعا لما
قَبله كقوله شُغْلٌ شاغِلٌ وَلَيْلٌ لائِل لكنه اضْطُرَّ إلى ذلك فقدَّم وأخَّرَ.
* ولقيتُه
صَكَّةَ عُمَىّ وَصَكَّةَ
أعْمَى أى فى أشَدّ
الهاجِرَةِ حَرّا ؛ وذلك أنَّ الظَّبْىَ إذا اشتدَّ عليه الحرُّ طَلَبَ الكِناس
وقد بَرِقَتْ عَيْنه من بياضِ الشمْسِ ولمعَانِها فَيَسْدَرُ بَصَرُه حتى يَصُكَّ
بنفْسِهِ الكِناسَ لا يُبْصِره. وقيل : هو أشَدُّ الهاجِرَةِ حَرّا. وقيل : حينَ
كاد الحَرُّ يُعْمِى من شِدَّتِه ، ولا يقال فى البرْدِ. وقيل : حين يَقوم
قائمُ الظَّهِيرَة. وقيل : عُمَىٌ
: الحرّ بعَيْنِهِ.
وقيل : عُمَىّ : رَجُلٌ من عَدْوَانَ كان يُفْتِى فى الحجّ فأقبل
مُعْتَمِرًا ومعه رَكْبٌ حتى نَزَلوا بعضَ المنازلِ فى يوم شَديدِ الحرّ. فقال عُمَىّ : من جاءَت عليه هذه الساعة من غدٍ وهو حَرَامٌ لم
يَقْضِ عُمْرَتَه فهو حرَامٌ إلى قابِلٍ. فوثب الناسُ يَضْرِبُونَ حتى وَافَوُا
البيت وبينهم وبينَه من ذلك الموضعِ ليلتانِ جَوَادانِ. فَضُرِبَ مَثَلاً. وقد
أنْعَمْتُ شَرْحَ هذه المسألة من جهة النَّحوِ فى كتابنا الموسومِ بالمخصّص.
وقوله :
[١]البيت بلا نسبة
فى لسان العرب ( ثرم ) ، ( عمى ) ؛ وتاج العروس ( ثرم ) ؛ وتهذيب اللغة ( ٣ / ٢٤٤
).