حظيت بهجرة خير من وطئ الثرى * * * و أجلهم قدرا، فكيف ثراها؟
كل البلاد إذا ذكرت كأحرف * * * في اسم المدينة لا خلت معناها
حاشى مسمى القدس فهي قريبة * * * منها، و مكة إنها إياها
لا غرو إلا أن تم لطيفة * * * مهما بدت يجلو الظلام سناها
جزم الجميع بأن خير الأرض ما * * * قد حاط ذات المصطفى و حواها
و نعم، لقد صدقوا، بساكنها علت * * * كالنفس حين زكت زكى مأواها
و بهذه ظهرت مزية طيبة * * * فغدت و كل الفضل في معناها
حتى لقد خصت بروضة جنة * * * الله شرفها بها و حباها
ما بين قبر للنبي و منبر * * * حيا الإله رسوله و سقاها
هذي محاسنها فهل من عاشق * * * كلف شحيح باخل بنواها
إني لأرهب من توقّع بينها * * * فيظل قلبي موجعا أوّاها
و لقلما أبصرت حال مودّع * * * إلا رثت نفسي له و شجاها
فلكم أراكم غافلين جماعة * * * في إثر أخرى طالبين هواها
قسما لقد أذكى فؤادي بينكم * * * نارا، و فجر مقلتيّ مياها
إن كان مزعجكم طلاب معيشة * * * فالخير كل الخير في مثواها
أو خفتم ضرا بها فتأملوا * * * بركات بلغتها فما أزكاها
إلا إذا يبغى الكثير لشهوة * * * و رفاهة لم يدر ما عقباها
و العيش ما يكفي، و ليس هو الذي * * * يطغى النفوس و لا خسيس مناها
يا رب أسأل منك فضل قناعة * * * بيسيرها و تحببا لحماها
و رضاك عني دائما، و لزومها * * * حتى توافى مهجتي أخراها
فأنا الذي أعطيت نفسي سؤلها * * * و قبلت دعوتها، فيا بشراها
بجوار أوفى العالمين بذمة * * * و أعز من بالقرب منه يباهى
من جاء بالآيات و النور الذي * * * داوى القلوب من العمى فشفاها
أولى الأنام بخطة الشرف التي * * * تدعى الوسيلة خير من يعطاها
إنسان عين الكون، سر وجوده * * * يس إكسير المحامد طه
حسبي، فلست أ في بذكر صفاته * * * و لو أن لي عدد الحصا أفواها
كثرت محاسنه فأعجز حصرها * * * و غدت و ما نلفي لها أشباها
إني اهتديت من الكتاب بآية * * * فعلمت أن علاه ليس يضاهى
و رأيت فضل العالمين محددا * * * و فضائل المختار لا تتناهى