responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم    جلد : 2  صفحه : 179

و ذهب بسبب ذلك من الأموال و الأنفس ما لا يحصيه إلا اللّه تعالى، حتى أنهم ضبطوا من وجد تحت الردم بالمسجد الحرام فقط عند تنظيفه فكانت عدتهم نحو الثمانين، و قيل أزيد من مائة، و لم أقف فيما نقل من سيول الجاهلية و الإسلام على مثل ذلك، و لما نظفوا ذلك الردم- و هو أتربة و نقض هدم حملها السيل- لم يتأتّ إخراجه قبل وصول الحجاج و صار ذلك كالآرام و التلول العظيمة في المسجد الحرام، فحضر الحجاج كلهم و شاهدوا ذلك، فسبحان من بيده الخلق و الأمر لا يسأل عما يفعل و هم يسألون.

و لما وصل خبر الحريق لرودس من بلاد النصارى أظهروا بذلك فرحا و استبشارا، و تظاهروا بالزينة و ضرب النواقيس، فلم يمض ذلك اليوم إلا و قد أرسل اللّه عليهم زلازل عظيمة هدمت عليهم جانبا من سور البلد و الكنيسة و كثيرا من دورهم، و هلك منهم بذلك خلائق لا يحصون، و دامت الزلازل عليهم، أياما، شاهدت ذلك في كتب وردت من ثغر إسكندرية بخط من يعتمد عليه، و ذكروا أن المخبر لهم بذلك أهل المراكب الواردة من رودس المذكورة، و أنهم سافروا و الزلازل مستمرة بها، و هم يخرجون الموتى من تحت الهدم بعد انتقال من بقي إلى خارج البلد، فتأمل هذه المعجزات النبوية، و الآيات الربانية.

و لما وصل القاصد إلى مصر المحروسة، و اتصل علم الحريق المذكور بسلطانها، عظم ذلك عليه، و برزت أوامره الشريفة بالمبادرة إلى تنظيف المسجد الشريف، و رأى أن في تأهيل اللّه تعالى له لعمارة ذلك مزيد التشريف، و كمال التعريف، و أنه كرامة من اللّه تعالى أكرمه بها، و ذخيرة يرجو الفوز بسببها، فاستقبل أمر العمارة بهمة تعلو الهمم العلية، و رسم بإبطال عمائره المكية، و بتوجه شادها السيفي الأمير سنقر الجمالي صحبة الحاج الأول بزيادة على مائة صانع من البنائين و النجارين و النشارين و الدهانين و الحجارين و النحاتين و الحدادين و المرخّمين و غيرهم، و كثير من الحمير و الجمال، و صحبته و صحبة أخيه المقر الأشرفي الشجاعي شاهين و الأمير قاسم الفقيه شيخ الحرم الشريف مبلغ عشرين ألف دينار، و شرع السلطان في تجهيز الآلات و المؤن حتى كثرت في الطّور و الينبع و المدينة الشريفة.

ثم جهّز متولي العمارة الأولى بالمدينة الشريفة- و هو الجناب العالي الخواجكي الشمسي شمس الدين بن الزمن- في أثناء ربيع الأول و صحبته أكثر من مائتي جمل و من مائة حمار و أزيد من ثلاثمائة من الصناع أهل الصنائع الأولى و غيرهم من الحمالين و المبيضين و السباكين و الجباسين، و أصرفوا لهم شيئا من الأجرة قبل سفرهم، و قد صارت أحمال المؤن متواصلة قلّ أن تنقطع برا و بحرا، و استقبلوا أمر العمارة بجد و اجتهاد، فهدموا المنارة الرئيسية التي أصابها الحريق إلى أساسها، و هدموا من سور المسجد من ركن المنارة التي بباب السلام إلى آخر جدار القبلة و ما يليه من المشرق إلى باب جبريل، و ما يلي المنارة من المغرب أيضا إلى‌

نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم    جلد : 2  صفحه : 179
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست