responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم    جلد : 2  صفحه : 176

و علق منها شي‌ء بالمنارة الرئيسية فاحترقت، و وصلت النار لثياب الريس شمس الدين محمد (رحمه الله) تعالى فاحترقت بعد موته، و صارت النار ترمي بشرر كالقصر فتسقط بالبيوت المجاورة للمسجد، و مع ذلك فلا تؤثر فيها، حتى سقط بعض الشرر على سعف فلم يحترق، و حمل بعض خزائن الكتب من تحت سقف المسجد إلى صحنه فأصابها الشرر فأحرقها.

و نقل عن جمع كثير أنهم شاهدوا حينئذ أشكال طيور بيض كالإوز يحومون حول النار كالذي يكفها عن بيوت الجيران.

و أخبر أمير المدينة الشريفة السيد الشريف زين الدين فيصل الجمازي أن شخصا من العرب صادق الكلام رأى في المنام ليلة ثاني عشر من شهر رمضان أن السماء فيها جراد منتشر، ثم عقبته نار عظيمة، فأخذ النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) النار و قال: أمسكها عن أمتي، فجزاه اللّه عن أمته- خصوصا عن جيرانه- أفضل ما جزى نبيّا عن أمته.

و حكى أيضا عن بواب رباط السبيل أنه ذكر مثل تلك الرؤيا عن غيره، كتب لي بذلك صاحبنا العلامة شيخ المحدثين بالحرم النبوي الشيخ شمس الدين بن شيخنا العلامة ناصر الدين العثماني أمتع اللّه به.

هذا ما حصل لأهل المدينة الشريفة من الدهشة العظيمة و الحيرة لما شاهدوا من هول هذه النار و منظرها الفظيع، حتى أيقن بعضهم بالهلاك، و انتقل بعض أهل الدور منها لما وصل إليهم الشرر، و خرج بعضهم من باب المدينة الذي يلي البقيع، و بعضهم من بابها الذي يلي المصلى، و ظنوا أن النار محيطة بهم. قال الشمس العثماني: و صار لجميع المدينة من جميع جهاتها بالبكاء ضجيج، و بالدعاء عجيج، قال: و أمر هذه النار عجيب، و ليس الخبر كالمعاينة، و صار المسجد كالتنور، و لم يمض إلا أقل من عشر درج و قد استولى الحريق على جميع سقف المسجد و حواصله و أبوابه و ما فيه من خزائن الكتب و الربعات و المصاحف، غير ما وقعت المبادرة لإخراجه أولا و هو يسير، و غير القبة التي بصحن المسجد، و سبق ذكر سلامتها في الحريق الأول، و كنت تركت كتبي بالخلوة التي كنت أقيم بها في مؤخر المسجد، فكتب إليّ باحتراقها، و منها أصل هذا التأليف و غيره من التآليف و الكتب النفيسة نحو ثلاث مائة مجلد، فمنّ اللّه تعالى عليّ ببرد الرضى و التسليم، و فراغ القلب عن ذلك، حتى ترجحت هذه النعمة عندي على نعمة تلك الكتب لما كنت أجده قبل من التعلق بها؛ فلله الحمد و الشكر على ذلك. هذا، مع ما منّ اللّه به علي من غيبتي عن هذا الأمر المهول؛ فإن وقوعه كان في ليلة الوصول إلى الحرم المكي، و لم يتفق لي منذ سكنت المدينة الخروج منها في رمضان، بل كنت ألازم المسجد النبوي فيه من أوله إلى آخره ليلا و نهارا، فكان ذلك سبب النجاة من هذا الأمر.

نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم    جلد : 2  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست