إذا ما سقى اللّه البلاد فلا سقى* * * بلادا بها سيحان برقا و لا رعدا
بلاد تهبّ الريح فيها خبيثة* * * و تزداد نتنا حين تمطر أو تندى
خليلي أشرف فوق غرفة درهم* * * إلى قصر أوس فانظرن هل ترى قصرا؟
و قال أعرابي قدمها فنزل إلى جانب دار محمد بن سليمان:
هل اللّه من وادي البصيرة مخرجي* * * فأصبح لا تبدو لعيني قصورها
و أصبح قد جاوزت سيحان سالما* * * و أسلمني أسواقها و جسورها
[16 أ]
و مربدها المذري علينا ترابه* * * إذا شحجت أبغالها و حميرها
فنضحى بها غبر الرءوس كأنّنا* * * أناسيّ موتى نبش عنها قبورها
و قال أبو تغلب يذكر نتنها و قذرها:
يا ربّ لا تسق نازل البصرة* * * فهي على كلّ حالة قذره
تأتيك منها إذا نزلت بها* * * روائح من روائح العذرة
فقال علي بن هشام: يا أمير المؤمنين! إن أحمد بن يوسف عدد عيوب البصرة و مثالبهم و ترك ما على أهل الكوفة. فلئن كان الذي ذكر من أهل البصرة على ما ذكر فما يعرفه إلّا خواص من الناس ممن نظر في الأمور و بحث عن المستور. فأما عيوب الكوفة فأوضح من النهار و أبين من الشمس، تعرفها العاتق في خدرها و العجوز في مجراها و الصبيّ في كتّابه.
قال المأمون: و أيّ شيء تعرف؟
قال: عليّ أول ذلك
قول علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه حين قال على المنبر: يا أيها الملأ المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم. ما عدت دعوة من دعاكم، و لا استراح من قاساكم. كلامكم يوهن الصمّ الصلاب، و فعلكم يطمع فيكم الخود الكعاب. إن قلت لكم انفروا في الشتاء قلتم أمهلنا يذهب عنا الصر