responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البلدان لابن الفقيه نویسنده : ابن الفقيه، أحمد بن محمد    جلد : 1  صفحه : 137

الآخر، و قبورهم على أبواب دورهم، فأقام الإسكندر على حافّة ذلك البحر حتى إذا كان يوم السبت سكن ذلك الرمل، فسلكه و سار يومه كلّه إلى اصفرار الشمس، حتى جاز النهر في أصحابه، فاستقبلوه و سلّموا عليه، فلمّا دنا منهم نزل فاجتمع إليه من أفاضلهم و علمائهم زهاء مائة رجل، فدعوا له بالصلاح فرحّب بهم الإسكندر، و دخل معهم المدينة. فجلس على الأرض، و جلس أولئك الأحبار حوله، ثم قال: ما بال قبوركم على أبواب منازلكم؟ قالوا: ليكون ذكر الموت نصب أعيننا. قال: فهل فيكم مسكين؟ قالوا: ما فينا أحد أغنى من الآخر. قال:

فمن شرّ عباد اللّه؟ قالوا: من أصلح دنياه و أخرب آخرته. قال: فمن أقسى الناس قلبا؟ قالوا: من أغفل أمر الموت و نسي الحساب و العقاب. قال: فالبرّ أقدم أم البحر؟ قالوا: لا بل البرّ لأن البحر إنما يحول إلى البرّ. قال: فالليل أقدم أم النهار؟ قالوا: بل الليل أقدم لأن الخلق إنما خلقوا في الظلمة في بطون الأمّهات، ثم خرجوا بعد ذلك إلى النور. قال الإسكندر: طوبى لكم، لقد رزقتم زهادة و علما. قالوا: بل طوبى لمن وقاه اللّه فتنة الدنيا، و أخرجه منها سالما. قال: فإني أحبّ أن تعظوني. قالوا: و ما يغني و عظنا إيّاك مع انهماكك على الدنيا و حرصك عليها بلا فكرة منك في زوالها. قال: فسلوني حوائجكم. قالوا: نسألك الخلد.

قال: هل يقدر على ذلك أحد إلّا اللّه؟ قالوا: فإن كنت موقنا بالموت فما تصنع بقتل أهل الأرض؟ قال: نعم إني موقن بذلك غير أني لا أملك لنفسي ضرّا و لا نفعا، ثم قال: يا معشر البرجمانيّين إن اللّه قد خصّكم بالعلم، و حلّاكم بالزهادة، و زيّنكم بالحكمة، و صرف قلوبكم عن الشهوات، فسلوني حكمكم من زهرة الدنيا. قالوا: لا حاجة لنا في شي‌ء من ذلك. قال: فأحبّ أن تقبلوا مني شيئا فإن معي يواقيت و جواهر حسانا. قالوا: أحضره لننظر إليه، فأمر بإخراج أسفاط فيها جواهر مثمّنة، ففتحت فلمّا نظروا إليها قالوا له: أيّها الملك و يعجبك مثل هذا؟

قال: ليس شي‌ء من عرض الدنيا أحبّ إلينا منه. قالوا: فانطلق بنا حتى نريك ما هو أحسن منه و أكثر، و ليس عليك فيها مؤونة، فانطلقوا إلى نهر عظيم فيه صنوف الجواهر و اليواقيت، و فيه من الجواهر ما لم ير مثله، فقالوا: هذا أكثر أو ما معك؟

نام کتاب : البلدان لابن الفقيه نویسنده : ابن الفقيه، أحمد بن محمد    جلد : 1  صفحه : 137
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست