وكان الأمر على
ذلك إلى ورود التتر. والآن سألت بعض فقهاء خراسان عنها فذكر انّه بقي منها بقيّة.
نخشب
مدينة مشهورة
بأرض خراسان. منها الأولياء والحكماء ، ينسب إليها الحكيم ابن المقفّع الذي أنشأ
بنخشب بئرا يصعد منها قمر يراه الناس مثل القمر ، واشتهر ذلك في الآفاق ، والناس
يقصدون نخشب لرؤيته ويتعجّبون منه ، وعوامّ الناس يحسبونه سحرا ، وما كان إلّا
بطريق الهندسة وانعكاس شعاع القمر ، لأنّهم وجدوا في قعر البئر طاسا كبيرا مملوءا
زئبقا ، وفي الجملة قد اهتدى إلى أمر عجيب سار في الآفاق ، واشتهر حتى ذكره الناس
في الأشعار والأمثال ، وبقي ذكره بين الناس.
وينسب إليها
أبو تراب عسكر بن الحصين النخشبي ، صاحب حاتم الأصمّ.
كان يقول :
بيني وبين الله عهد أن لا أمدّ يدي إلى حرام إلّا وقد قصرت عنه ؛ حكي انّه دخل
بادية البصرة يريد مكّة ، فسئل عن أكله بمكّة فقال : خرجت من البصرة فأكلت بالنباج
ثمّ بذات عرق ومن ذات عرق إليك.
وحكي عنه انّه
قال : كنت في بعض أسفاري فاشتهيت الخبز السميد مع بيض الدجاج ، فعدلت عن طريقي
وقصدت قرية لتحصيل ذاك ، فإذا أنا في الطريق إذ تعلّق بي شخص وقال : هذا لصّ قاطع
الطريق ، أخذ مني متاعي في الطريق! فحملوني إلى رئيس القرية فضربني سبعين خشبة ،
فإذا رجل منهم عرفني وقال : هذا أبو تراب النخشبي ، ليس من شأنه ما تدّعون عليه ،
فنزعني من يدهم وأدخلني بيته ، وجعل بين يديّ الخبز السميد وبيض الدجاج ، فقلت
لنفسي : خذ شهوتك مع سبعين خشبة! وتبت أن أشتهي بعد ذلك. توفي سنة خمس وأربعين
ومائتين.