ناحية بين واسط
والبصرة على طرف البطيحة. وهي نيف وثلاثون فرسخا في مثلها. وهذه البطيحة كانت قرى
ومزارع في زمن الأكاسرة. وكان لها بثق ، ففي السنة التي قتل فيها كسرى اضطربت
الأمور وتقاعدوا عن عمارة البثوق ، وظهر الماء على تلك المواضع فصارت بطيحة ،
والآن منابت القصب ومصيد السمك وطير الماء ، يتولّد فيها أشكال من الطيور غريبة
وصور غريبة لم يعرفها أحد ، ولا يراها الناس كما قال تعالى : ويخلق ما لا تعلمون.
فأسفلها ميسان وأعلاها كسكر ، وربّما فصل المركب في هذه البطيحة شهرا أو أكثر ،
وربّما يأخذه اللصوص.
ويجلب من كسكر
الرزّ الجيّد والسمك الشبوط والجواميس والفراريج ، والجدي والبطوط والبقر والصحناة
والربيثي ، فإن هذه الأشياء بكسكر فاقت أنواعها في غيرها.
كشم
قرية من رستاق
بشت من أعمال نيسابور ، كانت بها سروة من غرس كشتاسب الملك ، لم ير مثلها في حسنها
وطولها وعظمها ، وكانت من مفاخر خراسان. جرى ذكرها عند المتوكّل فأحبّ أن يراها
ولم يقدّر له المسير إلى خراسان ، فكتب إلى طاهر بن عبد الله وأمره بقطعها ، وحمل
قطاع جذعها وأغصانها إليه على الجمال لتنصب بين يديه حتى يبصرها ، فأنكر عليه ذلك
وخوّف بالطيرة فلم تنفع السروة شفاعة الشافعين ، وحكي ان أهل الناحية اجتمعوا
وتضرّعوا وقدّموا مالا على إعفائها ، فلم ينفع فقطعت وعظمت المصيبة لمن حولها ،
وارتفع الصياح والبكاء عليها فلفّوها في اللباد وبعثوها إلى بغداد على الجمال ،
فقال عليّ بن جهم :