responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نفحه الريحانه ورشحه طلاء الحانه نویسنده : المحبي    جلد : 1  صفحه : 207
يتمايل من خمر الصبا، تمايل الغصن إذا أمالته الصبا.
ويتصرف مع القلوب، كتصرف السحاب مع الجنوب.
فهو ألطف من نسيم الشمال، على أديم الماء الزلال.
كأن حديثَه خُلَسُ التَّشاكِي ... مع الأحْباب أو قُبَلُ الوَداعِ
قد حل بالشام، فازدهرت به ازدهار الخد بالوشام.
وغردت أطيارها، وتمايلت طرباً أشجارها.
وتدانت ولا تدانى المحبين، وتعانقت ولا تعانق العاشقين.
وأحداق الحدائق باهت في رياض جماله، والأغصان تاهت في لين قده، واعتداله.
أسفر فرأيت البدر طالعا من أطواقه، وأقبل بحلة كأنما صبغت من دم عشاقه.
فالشمس طالعة من أزراره، والبدر من مشارق أنواره.
له مبسم لو تبسم في الليل صير الظلام نهارا، ولو استعار الراح منه الحبب لقال:
شغل الحلى أهله أن يعارا
شكل ظهر في طريق الحسن بالبياض، وصحح حديثه الحسن أجفان المراض.
أوقد ناري، وأمات اصطباري.
وكم في الناس من حسَنٍ ولكن ... عليه لِشقْوتي وقع اخْتيارِي
فكلف به بعض سكانها، وهام فيه بعض أعيانها.
وقد تزايد فيه الغرام، ومن يعشق يلذ له الغرام.
وقد هاجت بلابل بلباله، وقصد أن يرفع لحضرته بعض خصاله، في عرض حاله.
فاللحظ، يعرب عن اللفظ.
فما كانت إلا نظرة، أعقبت حسرة.
أتعبت الخاطر، وسرت الناظر.
وقد قيل: إن الحسن عليه زكاةٌ كزكاة المال، وليست زكاته عند علماء المحبة إلا عبارةً عن الوصال.
ولما دعاه داعي الهوى أخذ يبدي له الالتفات، ويريه الصد تارات.
قد جرى بينهما في ميدان الصحبة بدهم الليالي والأيام، طراد خيل اللهو في حلبة المحبة والغرام.
وهو قانع منه بالقليل، راضٍ بالنظر إلى وجهه الجميل.
ومضت معه أوقاتٌ من مواسم العمر محسوبة، والسُّعود إلى طوالعها منسوبة.
حيث الزمان ربيع، والروض مريع.
والنسيم عليل، والوقت سحر وأصيل.
ألطف من عدة الحبيب، وألذ من غفلة الرقيب.
وما تفْضُل الأوقاتُ أخرى لِذاتِها ... ولكنَّ أوقاتَ الحسانِ حِسانُ
فقد كانت أطيب من نيل المراد، ولكنها أقصر من ساعات الأعياد.
فلو كان دهري عقداً لكانت واسطته، أو كان عمري جيداً لكانت قلادته.
فهيهات أن تنسى، وعسى أن تعود عسى، ربما أحسن الزمان وإن كان قد أسا.
هذا، فبينما هما على هذا الحال، قد أرغد عيش وأنعم بال.
إذ دنت شمس النوى بالطلوع، وفضح التطبع شيمة المطبوع.
وحارَبِني فيه رَيْبُ الزمانِ ... كأن الزمانَ له عاشقُ
فعلمت من مقدار الفراق ما كنت جهلته، ووجدت من شخصه ما كنت ضللته.
وقد أظهر دمعي ما أضمرته، وأبان من وجدي ما أخفيته.
عجباً لقلبي يوم رَاعَنِيَ النوى ... ودَنَا التفرُّق كيف لا يتفطَّرُ
أكفكف بالأكف الدموع، وأطوى على نار الغضا الضلوع.
وقد جزعت ساعة وداعه، حتى خفت على تفطر كبدي بانصداعه.
وما خلق الفراق، إلا لتعذيب قلوب العشاق.
فتكلم الحب عن لساني، وبرح الشوق بكتماني.
لو كنتُ أعلم أن آخرَ عهْدِه ... يومُ الفِراقِ فعلتُ ما لم أفْعَلِ
كأن قائل ذلك كان حاضرا معنا، أو كأنه قال ذلك لنا.
وقد انثنيت بجسم ناحل، أو بت من صبري على مراحل.
ما إن تركتُ وَداعَه عن جَفْوةٍ ... لكن جزِعتُ لبَيْنِه وفِراقِهِ
وما خلوت ساعة مذ تفارقنا من نفسٍ تتقيَّد له الأضلع، وذكرٍ تفيض له الأدمع.
وتشكي الفراق، وتذكر أيام التَّلاق.
وسهَّل التوديعَ يوم النوى ... ما كان قد وعَّرْه الهجْرُ
فالنظر إلى عين الشمس أسهل علىّ وأهون على عيني من أن أنظر إلى ذلك الصدر، وقد خلا من ذلك البدر.
كفى حزَناً بالهائمِ الصَّبِّ أن يرى ... منازلَ مَن يهوَى مُعطَّلة قَفْرَا
ما أعول إلا على العويل لو كان يغنى، ولا أستنصر غير الوجد لو كان يجدي.
والله سبحانه يقدر التلاق، ويضمُّ مشتاقاً إلى مشتاق.
فكم من حبيبين، فرق بينهما البين.
وأليفين، عادا بعد الفراق للوصل حليفين.
وقد يجمعُ الله الشّتيتْين بَعْدما ... يظْنان كلَّ الظنِّ أن لا تلاقِيَا
وهنا أنهيت الكلام على هذه العصبة، وختمت بهم عصابة أحرزوا في مجال القصبة.

نام کتاب : نفحه الريحانه ورشحه طلاء الحانه نویسنده : المحبي    جلد : 1  صفحه : 207
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست