responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 2  صفحه : 53
جده إسحاق " بشرناك بالحق " بعد ما سموه غلاماً عليماً، والولد سر أبيه، وهذا هو المراد بإتمام النعمة عليه، وعلى آل يعقوب ثم إنه عرفه أن الربوبية له من دائرة العليم الحكيم فقال: " إن ربك عليم حكيم " فافهم، وكان يقول: يوم من أيام الأستاذ عند ربه كألف سنة مما يعد المريدون عند ربهم، وكان يقول: أنوار المريدين رقائق أنوار أستاذهم وأنوار الأستاذين حقائق أنوار مريديهم فكما أنه ليس في مرآة البحر إلا الشمس فيضيء الليل كله كذلك ليس في المريد الكامل إلا أستاذه، فيفيده المدد القبولي كله فافهم واعرف والزم تغنم، وكان يقول: أدنى التقوى الاحتجاب بالحسنات عن السيئات، وأعلاها الاحتجاب بالحق تعالى عن الخلق، وغايتها الوافية الاحتجاب بشهود الله الأحد عن رؤية سواه فافهم، وكان يقول: في حديث " إن الله خلق الأجسام في ظلمة ثم رش عليهم من نوره " معنى كون الأجسام في ظلمة أنها مراتب إيهام، وإبهام نشأ بها من حيث جرمها الوهم البهيم، والنور المرشوش عليها هو الروح، فمثال الأجسام على الأرواح المرشوشة فيها من نور الله كنقاب أسود مغبر على وجه مبهج أقمر فمن لم ير من ذلك الوجه إلا نقابه لم يبتهج، ولم يجد سروراً، وكذلك أولياء الله تعالى من رأى أجسامهم لم يبتهج بهم بل لم تزده تلك الرؤية إلا غفلة، واستغراقاً في سوء الظنون بهم، وقلة الأدب معهم، وما ذاك إلا أنه حجب برؤية الحجاب عن رؤية الأحباب، وأطال في ذلك، وكان يقول: إذا وجدت من كمالاتك في نظامه ووسائلها من حكمه، وأحكامه، فاعلم أنه مولاك، ومريبك بوجوده، وأستاذك، وإمامك، ووليك بموجوده فمن أي الجهتين شهدته فعامله على شاكلة شهودك، ولكل مقام مقال، وكان يقول، إذا تجلى سر الوجود بمخصوص في زمان فقام به نادى منادي تخصيصه في ملأ الأرواح، والمعاني: " إن لله تعالى قد بني لكم بيتاً فحجوه "، فتأتي وفود المعاني، والأرواح إلى ذلك الناطق من كل فج قريب، وعميق ليشهدوا منافع لهم بالتكميل بين يديه.
ويذكروا اسم الله الذي يلقيه إليهم زيادة إلهية على ما رزقهم قبل ذلك وأطال في ذلك، وكان يقول: جميع ما تراه من المحقق راجع إليك فمن رآه زنديقاً فذلك الرائي هو الذي سبق له في الغيب الأزلي أنه زنديق لأن المحقق مرآة الوجود، وإن رأى أنه صديقاً فهو الذي سبق له أنه صديق، وأما حقيقة ذلك المحقق فلا يراها إلا، وهو في كماله أو من هو محيط به فافهم واعرف الحق لأهله، واشهده في مظاهره، والزم القيام بحقه على قدر طاقتك تسلم، وتغنم والله تعالى أعلى، وأعلم وكان رضي الله عنه يقول: في قوله تعالى: " ما ودعك ربك وما قلى وللأخرة خير لك من الأولى " " الضحى: 3 و 4 " القلي البغض والتوديع البعد أي عدم قلاه لك خير لك من عدم توديعه لك فما ودعك ربك هي الأولى من هاتين الكلمتين، وما قلي هي الآخرى منهما.
وإنما كان كذلك لأن البعد مع المحبة، والرضا خير من القرب مع البغض، والغضب فافهم فمن جعل آخر أمره في كل حال خيراً له من أوله فهو محمدي له نصيب من كنز " وللآخرة خير لك من الأولى " " الضحى: 4 " وأطال في ذلك، وكان رضي الله عنه يقول: الذات شيء واحد لا كثرة فيه، ولا تعدد بالحقيقة، وإنما تعدد الذات باعتبار تعينها بالصفات تعدداً اعتبارياً فقط، والتعدد الاعتباري لا يقدح في الوحدة الحقيقية كفروع الشجرة بالنظر لأصلها فافهم، وكان يقول: في حديث " من أغبرت قدماه في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين عاماً " يدخل فيه من مشى مع ولي لوجه الله تعالى، وابتغاء مرضاته فإن الله تعالى يبعد وجهه عن النار حقاً فافهم، وكان يقول: في قوله تعالى: " منكم من يريد الدنيا ومنكم تن يريد الآخرة " " آل عمران: 152 " أي ومنكم من يريدنا لا يريد سوانا.
وفي الآية دليل على أن المؤمن قد يريد الدنيا، ولا يقدح ذلك في أصل إيمانه قال: وكل من كان طلبه النعيم الجثماني بعد الموت، فهو يريد الدنيا فأهل الله تعالى مجردون عن المقامين، فلم يريدوا الدنيا، ولا الآخرة لتعلق همتهم بلا أين، وما لا يقبل الشركة، والعين لا ينقسم إلى اثنين لأن الأحدية الفردية أمر ذاتي له لا قبله، ولا بعده، ولا معه عدد، وأطال في ذلك وكان رضي الله عنه يقول: كما أن للعبد من مولاه وجوداً فكذلك للمولى من عبده شهود " أنت مني وأنا منك " فافهم، واعرف، والزم والله أعلم، وكان يقول: المراد من العبد ذله الذي يظهر به عن ربه، ولذلك أمر بالتعبد، فافهم فإذا فعلت ما يريده منك ربك فعل لك ربك ما تريده منه فاجعل مرادك منه هو " واعبد ربك حتى يأتيك اليقين " " الحجر: 99 " فافهم، وكان يقول: إذا بعت نفسك لمظهر من
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 2  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست