responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 2  صفحه : 52
لهم أو أسمعهم صوته، وقراءته لم يهتدوا به، ولم يفهموا عنه، وسارعوا إلى تمزيقه، وأكله وكان هو الملقى بيده إلى التهلكة فافهم هذا المثال، وقل للمعترض المذكور قد قال الله تعالى، لمحمد صلى الله عليه وسلم " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " فأمره أن لا يجهر بالقرآن بحيث يسمعه الجهلة المنكرون فيسبون بجهلهم، ولا يخفيه عمن يؤمن به فهل يدل إخفاء النبي صلى الله عليه وسلم قراءته عن الجاهلين المنكرين على بطلان قراءته أو يقدح في حقيقته ثم إذا تهيأ لهذا العارف أسباب إظهار أمره بما ينقهر له المنكرون، ويقرون له طوعاً أو كرهاً، فحينئذ يظهر عرفانه في الملأ اتباعاً، واقتداء بإظهار القرآن عند تهيؤ أسباب إظهاره بكثرة أنصاره، وتمكينه كما أن الإنسان لا ينبغي له مقابلة السباع، والظهور لهم حتى يتهأ له أسباب القهر لهم من قوة مكة، وأنصار فإن قال: المعترض فلم لا يترك هذا المعارف إظهار معارفه، ويدخل فيما فيه الجمهور حتى يتمكن، ويقوى فيكون أسلم له فقل له: إن ورثة النبي صلى الله عليه وسلم لا يخالفون أمره لأن نوره إمام نفوسهم فحيث سلك سلكوا، فكما أخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معه من الحق، وكتمه عن الجهلة المنكرين حتى أتاه أمر الله تعالى بإظهار ما معه، فكذلك ورثته، وقل للمعترض أيضاً أرأيت لو أنكر المجانين على رجل عاقل مخالفته لأمرهم أينبغي له أن يوافقهم على جنونهم فيتجنن مثلهم، ويذهب نور عقله حتى يألفوه، وهو يمكنه الفرار منهم بعقله، وقل له: أيضاً أرأيت الإنسان الكائن بين الكلاب الضواري إذا لم يرضوه بينهم حتى يمشي مثلهم مكباً على وجهه ويعوي كعيهم أينبغي له أن يفعل ذلك ليقيم بينهم، ويألفوه، وهو يمكنه الفرار عنهم، والحذر منهم مع بقائه على طريقته الإنسانية لا، والله لا ينبغي للقادر على الخير أن ينسلخ منه ليرضى أهل الشر ويقيم معهم " والله ورسوكم أحق أن يرضوه " " التوبة: 62 " إن كانوا مؤمنين إلى آخر النسق، فنعوذ بالله أن نرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله، فافهموا أيها المريدون، ولا يستخفنكم الذين لا يوقنون، وإياكم أن يلبسوا عليكم دينكم بجدالهم في الحق بعد ما تبين، ومن عرف الحق فيلزم، والله أعلم، وكان رضي الله عنه يقول: أقل حال المريد مع أستاذه في حياته أن يكون لأستاذه كالأم لواحدها يؤثره بالراحات، ويحمل عنه المشقات، ويحبه على جميع أحواله، وهكذا يكون الأستاذ لمريده في معنوياته فافهم، فإن إمام هدايتك يهتم بأمرك عند ربك أكثر من اهتمامه بنفسه فهل يرحمك هكذا أب أو مألوف سواه، وتأمل في قول موسى عليه السلام عن عصاه " وأهش بها على غنمي " " طه: 18 " يقل أخبط بها حاجتي من الثمر، وإنما فكر أمر رعيته ذكر شكر في حضرة النعم، وما قال: " أتوكأ عليها " إلا إظهاراً للضعف، والعجز فافهم " هدى ورحمة للمحسنين " " لقمان: 3 " إنما أجمل ماله فيها من المآرب كي لا تحصرها مرتبة عددية فيكون إمدادها محصوراً، فهكذا إذا لم يعد ذلك أستاذك خدمك، فاعلم أنه أراد أن يجبرك من كسر نقص الحصر إلى كمال الإطلاق " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " " الزمر: 10 " فتأمل ذلك وكان يقول: الحق هو الوجود الثابت على مرتبته، والحقائق لا تنقلب فكلها حق حتى الباطل في أنه باطل هو حق " ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن " " لقمان: 30 " الآية فافهم، وكان يقول: المقصود الخلوص من حكم الحجاب لا من صورته ألا ترى الزجاجة، وسائر الأجسام الشفافة كيف هي صورة حجاب يمنعها وصول الأجسام إلى ما في باطنها وليس لها حكم الحجاب بالنسبة إلى ظهور الضوء المختزن فيها، ونفوذ البصر إلى ما في باطنها، وانظر إلى قوله عليه السلام " فرفع لي كل حجاب " أي خلصت من منع كل مانع وصورته إلا حجاب العزة التي تلي الرحمن، وهو مظهر حكم العبودية قال: في الحديث " فخرج ملك من الحجاب فقال الله أكبر الله أكبر فقال من وراء الحجاب صدق عبدي أنا أكبر أنا أكبر " فانظر كيف حصل في صورة الحجاب، ورفع عنه حكمه حتى عرف المتكلم من وراء الحجاب فبحق قال: " وما صاحبكم بمجنون " أي ما هو بمجنون والله أعلم.
وكان يقول: في حديث خزائن الله في الكلام ليس في الكلام إلا المعاني التي يأخذ منها كل فهم بوسعه، ويلهم الحق منها كل مدرك ما يناسب استعداده، وانظر إلى صواحب زليخا كيف قالوا في يوسف " ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم "، وأما الأغيار، فلم يروه إلا فتى زليخا وأما زليخا، فما ظهر لها عند مشاهدته إلا الحق فقالت " العزيز الآن حصحص " " يوسف: 51 " أي ظهر، وتجلى لها عين معنى قول الملائكة لجده إبراهيم عن
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 2  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست