responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 29
الصوف على جسده، والحلة من الخز على ظاهره، ويقول: نلبس الجبة لله، والخز لكم، فما كان لله أخفيناه. وما كان لكم أبديناه.
وكان رضي الله عنه يقول: أوحى الله إلى الدنيا أن اخدمي من خدمني وأتعبي من خدمك. وكان يقول: الفقهاء أمناء الرسل ما لم يأتوا أبواب السلاطين. وكان يقول: اللهم ارزقني مواساة من قترت عليه رزقك، وكل ما أنا فيه من فضلك رضي الله تعالى عنه.
ومنهم عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه: وكانت الشياه والذئاب في زمانه ترعى سواء من عدله، وأتته الدنيا وهي راغمة فتركها وزهد فيها وكانت حجزة إزاره غائبة في عكنته، فلما ولي الخلافة، فلو شئت أن تعد أضلاعه عداً من غير مس لعددتها، وكانت غلته خمسين ألف دينار، فلما ولي الخلافة صار ينفقها كل حين، حتى ما يبقى له غير قميص واحد لا يخلعه، حتى يتسخ فإذا اتسخ غسله ومكث في البيت حتى يجف، وكانت زوجته فاطمة بنت عبد الملك كذلك؛ وضعت جميع مالها في بيت المال فصارت كآحاد الناس، قالت فاطمة رضي الله عنها، ومنذ ولي الخلافة ما اغتسل قط من جنابة إلى أن مات. فإنه لما ولي الخلافة خير جواريه، وقال: قد نزل بي أمر شغلني عنكن إلى يوم القيامة، وحتى يفرغ الناس من الحساب فمن أحبت منكن، إن أعتقها أعتقتها ومن أحبت أن أمسكها، على أن لا يكون مني إليها شيء أمسكتها، فبكين وارتفع بكاؤهن يأساً منه. وخير فاطمة رضي الله عنها بنت عبد الملك بين أن تقيم عنده، وبين أن تلحق بدار أبيها، فبكت وعلا نحيبها، حتى سمع ذلك الجيران.
قالت فاطمة: ولم أر أحداً من الرجال، أشد خوفاً من الله تعالى من عمر. كان إذا دخل عندي البيت ألقى نفسه في مسجده. فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه، ثم يسقط فيفعل مثل ذلك ليله أجمع، وكان يخطب الناس بقميص مرقوع الجيب، من بين يديه ومن خلفه، فقال له رجل: يا أمير المؤمنين إن الله قد أعطاك فلو لبست، فنكس رأسه ساعة، ثم قال: أفضل القصد عند الجدة، وأفضل الحفو عند المقدرة.
وكانت بناته لم تزلن عراة، فدعا واحدة منهن فلم تجبه، فأرسل الخادم فأتى بها إليه فقال: ما منعك أن تجيبني. فقالت: إني عريانة فأمر لها بخيشة فألبسها إياها. وكان رضي الله عنه يبكي الدم، وكان يجتمع بالخضر عليه السلام وكان رضي الله عنه كل قليل، يرسل البريد بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ليس له حاجة إلا السلام. وكان رضي الله عنه له سرب ينزل فيه كل ليلة، فيضع الغل في عنقه فلا يزال يبكي ويتضرع إلى الصباح، وكان رضي الله عنه يقول: لا تدخل على أمير ولو نهيته عن المنكر وأمرته بالمعروف، وقد كان رضي الله عنه يقول: لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس، وكان رضي الله عنه يقول: المتقي ملجم، وكان رضي الله عنه يقول: لو تعلمون مني ما أعلم من نفسي، ما نظرتم في وجهي، وكان رضي الله عنه يقول: إنما الزهد في الحلال وأما الحرام فنار تسعر؛ يرتع فيها الأموات، ولو كانوا أحياء لوجدوا ألم النار. وأخباره رضي الله عنه مشهورة في الحلية لأبي نعيم وغيرها. مات رضي الله عنه، في رجب سنة إحدى ومائة، وله من العمر. تسع وثلاثون سنة، ودفن بدير سمعان من أرض حمص. وكانت خلافته سنتين وأربعة عشر يوماً، ومات مسموماً، قالت فاطمة بنت عبد الملك رضي الله عنها: وكان جل مرضه، من كثرة الخوف من الله تعالى، فكان أقوى سبباً من السم، رضي الله تعالى عنه.
ومنهم مطرف بن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه: كان رضي الله عنه يقول: لو أتاني آت من ربي عز وجل فقال: أنت مخير بين الجنة والنار، أو تصير تراباً لاخترت أن أصير تراباً. ولما مات ابن له رضي الله عنه، سرح لحيته ولبس أحسن ثيابه. فقيل له: في ذلك قال: أتأمروني أن أستكين للمصيبة، والله لو أن الدنيا وما فيها كانت لي ثم وعدني الحق تعالى، على أخذها كلها بشربة ماء في الآخرة، لاخترت تلك الشربة، وكان رضي الله عنه يقول: لأبيت نائماً وأصبح نادماً، أحب إلي من أن أبيت قائماً وأصبح معجباً، وكان رضي الله عنه يقول: إذا استوت سريرة العبد وعلانيته. قال الله عز وجل هذا عبدي حقاً، وكان إذا خلا في بيته تسبح معه لبنة بيته، وظلمه رجل فقال: أماتك الله على عجل فمات في الحال فطلبوه إلى زيادة وهو على البصرة فقال: هل مسه قالوا: لا قال: فهل هي إلا دعوة رجل صالح، وافقت قدراً فأطلقوه، وكان رضي الله عنه يقول: اللهم إني أستغفرك من كل عمل، ادعيت أني مخلص فيه، وأني أردت به وجهك، وكان رضي الله عنه يقول: اللهم
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست