responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات السنيه في تراجم الحنفيه نویسنده : الغزي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 91
وهذا من الطراز الأول، فإذا رأى الخليفة قاضياً يقول هذا الكلام، أليس يوقعه في أشد مما وقع منه؟! فنعوذ بالله من علماء السوء، ونسأله التوفيق والإعانة. انتهى.
ولنرجع إلى أخبار أحمد: روى عن الحسن بن ثواب، قال: سألت أحمد بن حنبل عمن يقول: القرآن مخلوق.
قال: كافر.
قال: فابن أبي دواد؟ قال: كافر بالله العظيم.
قلت: بماذا كفر؟ قال: بكتاب الله تعالى، قال الله تعالى: (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) ، فالقرآن من علم الله، فمن زعم أن علم الله مخلوق فهو كافر بالله العظيم.
وقال أبو حَجَّاج الأعْرَابي يَهْجُوهُ:
نكَسْت الدِّينَ يَا ابْن أبي دُواد ... فأَصْبحَ من أطَاعَك في ارْتِدلدِ
زَعَمْت كلامَ رَبِّك كان خَلْقاً ... أمَالَكَ عند رَبِّك مِن مَعَادِ
كَلامُ الله أنْزَلهُ بعِلْمٍ ... وأوْحَاه إلى خَيْر العِبَادِ
ومَن أمْسَى ببَابِك مُسْتَضيفاً ... كمَن حَلَّ الفَلاةَ بغَيْرِ زَادِ
لقد أظْرَفْتَ يَا ابن دُوَادٍ ... بقولكَ إِنِّنِي رَجُلٌ إِيادِي
قلت: قد ظلمهُ هذا الشاعر، بنسبته إلى البخل، مع ما قدمنا ذكره عنه من المكارم، وحسن الصنيع إلى من يعرف ومن لا يعرف، حتى لعدوه، وأحسن منه قول بعضهم يهجوه أيضاً:
لَوْ كنتَ في الرَّأي مَنْسُوباً إلى رَشَدِ ... أوْ كان عَزْمُك عَزما فيه توْفيقُ
لَكان في افقهِ شُغلٌ لو قنَعْت به ... من أنْ تقولَ كَلامُ اللهِ مخلوقُ
ماذا عَليك وأصلُ الِّين يَجْمَعُهُمْ ... مَا كانَ في الفَرْعِ لولاَ الجهلُ والمُوقُ
وفي " تاريخ الخطيب " عن أبي الهُذيل، قال: دَخلتُ على ابن أبي دواد، وابنُ أبي حفصة ينشده هذه الأبيات:
فقُلْ للفاخرين عَلى نِزارٍ ... ومنْها خِنْدَف وبنو إياد
رسول الله والخلفاء منَّا ... ومنا أحمدُ بن أبي دواد
قال: فقال لي: كيف تسمع يا أبا الهُذيل؟ فقلت: هذا يضع الهناء مواضع النقب.
ثم إن أبا الهذيل نقض على ابن أبي حفصة، فقال:
فقُل للفاخرين علَلَى نِزارٍ ... وهُمْ في الأرضِ سَادَاتُ العبَادِ
رَسُولُ اللهِ وَالْخُلَفاءُ منَّا ... ونَبْرَأ من دَعِيِّ بَنِي إيَادِ
ومَا مِنَّا إيَادٌ إذْ أقَرَّتْ ... بدَعْوةِ أحمدَ بن أبي دُواد
فبلغ ابن أبي دُواد قوله، فقال: مَا بلغ مني أحدٌ ما بلغ هذا الكلام، ولولا أني أكره أن أُنبه عليه، لعاقبته عقاباً لم يعاقب أحدٌ مثله، جاء إلى منقبة كانت لي، فنقضها عروة عروة.
كذا غزاه الخطيب إلى ابن أبي حفصة وأبي الهُذيل، وقال الصلاح الصفدي، في كتاب " المجاراة والمجازاة ": إن الأبيات الأول لمروان بن أبي الجنوب، والأبيات الثانية لأبي الهفان المهزمي. والله أعلم.
وروى أن ابن أبي دواد، كان بينه وبين محمد بن عبد الملك الزيات، وزير المعتصم، مناقشات وشحناء، حتى قيل: إن أحمد قال له مرة: والله ما أجيبك مُتكثراً بك من قلة، ولا متعززاً بك من ذلة، ولكن أمير المؤمنين رتبك رتبة أوجبت لقاك، فإن لقيناك فله، وإن تأخرنا عنك فلك. ثم نهض من عنده.
قال ابن خلكان: وكانت وفاته بعد موت الوزير المذكور بسبعة وأربعين يوماً.
قال: ولما حصل له الفالج، ولي القضاء موضعه ابنه أبو الوليد محمد، ولم تكن طريقته مرضية، وكثر ذاموه، وقل شاكروه، حتى قال إبراهيم بن العباس الصولي:
عَفَّتْ مَسَاوٍ تَبَدَّتْ منكَ ظاهِرةٌ ... على مَحاسِنَ أبْقاها أبوكَ لَكَا
قِفْ قد تقدَّمتَ أبْناء الكرامِ به ... كما تقدَّمَ آبَاءُ اللِّئام بِكا
قال ابن خلكان: ولعمري، لقد بالغ في طرفي المدح والذم، وهو معنى بديع.
قال: واستمر على القضاء إلى سنة تسع وثلاثين ومائتين، فسخط المتوكل على القاضي أحمد وولده محمد، فأخذ من الوليد مائة ألف دينار، وعشرين ألف دينار، وجوهراً بأربعين ألف دينار، وسَيرهُ إلى بغداد من سُر من رأى، وفوض القضاء إلى يحيى بن أكثم الصيفي.
وقال بعض البصريين يهجوه، حين بلغ أنه فُلج:

نام کتاب : الطبقات السنيه في تراجم الحنفيه نویسنده : الغزي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست