نام کتاب : الإصابة في تمييز الصحابة نویسنده : العسقلاني، ابن حجر جلد : 5 صفحه : 254
العمري، عن العتبي، عن أبيه، قال: كان غيلان بن سلمة وفد على كسرى، فقال له ذات يوم: أيّ ولدك أحبّ إليك؟ قال: الصغير حتى يكبر، و المريض حتى يبرأ، و الغائب حتى يقدم [1]، فاستحسن ذلك من قوله، ثم قال له: ما غذاؤك في بلدك؟ قال: خبز البر. قال:
عجبت لك هذا العقل.
قال الكرانيّ، عن العمري: و قد روى الهيثم بن عدي هذه القصة أبين من هذه، و ساقه بطوله، و فيها: كان أبو سفيان في نفر من قريش و من ثقيف فوجّهوا بتجارة إلى العراق، فقال لهم أبو سفيان: إنا نقدم على ملك جبّار لم يأذن لنا في دخول بلاده، فأعدّوا له جوابا. فقال غيلان: أنا أكفيكم على أن يكون نصف الربح لي. قالوا: نعم، فتقدم إلى كسرى، و كان جميلا، فقال له الترجمان: يقول لك الملك: كيف قدمتم بلادي بغير إذني؟ فقال: لسنا من أهل عداوتك، و لا تجسّسنا عليك، و إنما جئنا بتجارة، فإن صلحت لك فخذها و إلا فائذن لنا في بيعها، و إن شئت رجعنا بها قال: و سمعت صوت الملك فسجدت، فقيل له: لم سجدت؟ قال: سمعت صوت الملك حيث لا ينبغي أن ترفع الأصوات.
فأعجب كسرى، و أمر أن توضع تحته مرفقة، فرأى عليها صورة كسرى، فوضعها على رأسه، فقيل له: لم فعلت ذلك؟ قال: رأيت عليها صورة الملك فأجللتها أن أجلس عليها، فاستحسن ذلك أيضا، ثم قال له: أ لك ولد؟ قال: نعم. قال: فأيّهم أحبّ إليك؟ قال:
الصغير حتى يكبر، و المريض حتى يبرأ، و الغائب حتى يقدم. قال: أنت حكيم من قوم لا حكمة فيهم، و أحسن إليه.
و ذكرها أبو هلال العسكريّ في «كتاب الأوائل» بغير إسناد أطول مما هنا، فقال:
خرج أبو سفيان بن حرب في جمع من قريش و ثقيف يريدون بلاد كسرى بتجارة لهم، فلما ساروا ثلاثا جمعهم أبو سفيان، فقال: إنا في سيرنا [2] هذا لعلى خطر ما قدومنا على ملك لم يأذن لنا بالقدوم عليه؟ و ليست بلاده لنا بمتجر، فأيكم يذهب بالعير. فنحن برآء من دمه إن أصيب، و إن يغنم فله نصف الربح. فقال غيلان بن سلمة: أنا أمضي بالعير، و أنشده:
فلو رآني أبو غيلان إذ حسرت* * * عنّي الأمور بأمر ما له طبق
لقال رغب و رهب أنت بينهما* * * حبّ الحياة و هول النّفس و الشّفق
إمّا مشفّ على مجد و مكرمة* * * أو أسوة لك فيمن يهلك الورق [3]