خطب الحسن بن علي بعد وفاة أمير المؤمنين علي عليه السلام، فقال [1] :
لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون بعمل، و لا يدركه الآخرون بعمل، و لقد كان يجاهد مع رسول اللّه (ص) فيقيه بنفسه، و لقد كان يوجهه برايته فيكتنفه جبرئيل عن يمينه، و ميكائيل عن يساره، فلا يرجع حتى يفتح اللّه عليه، و لقد توفي في هذه الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم، و لقد توفي فيها يوشع بن نون وصي موسى، و ما خلّف صفراء و لا بيضاء إلاّ سبعمائة درهم بقيت من عطائه أراد أن يبتاع بها خادما لأهله.
ثم خنقته العبرة، فبكى و بكى الناس معه.
ثم قال: أيّها الناس، من عرفني فقد عرفني، و من لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد (ص) ، أنا ابن البشير، أنا ابن النذير، أنا ابنالداعي إلى اللّه عزّ و جلّ بإذنه، و أنا ابن السراج المنير، و أنا من أهل البيت الذين أذهب اللّه عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و الذين افترض اللّه مودتهم في كتابه إذ يقول:
ثم قام ابن عباس بين يديه، فدعا الناس إلى بيعته، فاستجابوا له، و قالوا: ما أحبه إلينا و أحقه بالخلافة فبايعوه.
ثم نزل عن المنبر.
قال: و دسّ معاويةرجلا من بني حمير إلى الكوفة، و رجلا من بني القين إلى البصرة يكتبان إليه بالأخبار، فدل على الحميري عند [3] لحام جرير [4] و دلّ على القيني بالبصرة في بني سليم، فأخذا و قتلا [5] .
[1] الطبري 6/91 و ابن الأثير و ابن أبي الحديد 4/11 و الإرشاد ص 147 و صفة الصفوة 1/126.
[4] في الأغاني 18/162 عن أبي مخنف «قال: لما بلغ معاوية مصاب أمير المؤمنين علي دس رجلا من بني القين إلى البصرة يتجسس الأخبار و يكتب بها إليه فدل على القيني بالبصرة في بني سليم فأخذ و قتل.