أما بعد، فإنك دسست إليّ الرجال كأنك تحب اللقاء، و ما أشك في ذلك، فتوقّعه إن شاء اللّه، و قد بلغني أنك شمت بما لا يشمت به ذوو الحجى، و إنما مثلك في ذلك كما قال الأوّل:
و قل للذي يبغي [1] خلاف الذي مضى # تجهز لأخرى مثلها فكأن قد
و إنا و من قد مات منا لكالذي # يروح و يمسي في المبيت ليغتدي (23)
فأجابه معاوية:
أما بعد، فقد وصل كتابك، و فهمت ما ذكرت فيه، و لقد علمت بما حدث فلم أفرح و لم أحزن و لم أشمت و لم آس [2] ، و إن علي بن أبي طالب كما قال أعشى بني قيس بن ثعلبة:
و أنت الجواد و أنت الذي # إذا ما القلوب ملأن الصدورا [3]
جدير بطعنة يوم اللقا # ء تضرب منها النساء النحورا
و ما مزبد من خليج البحا # ر يعلو الإكام و يعلو الجسورا [4]
بأجود منه بما عنده # فيعطي الألوف و يعطى البدورا
قال: و كتب عبد اللّه بن العباس من البصرة إلى معاوية [5] :
أما بعد، فإنك و دسّك أخا بني قين إلى البصرة تلتمس من غفلات قريش مثل الذي ظفرت به من يمانيتك لكما قال أمية بن الأسكر [6] :
لعمرك إني و الخزاعيّ طارقا # كنعجة عاد حتفها تتحفّر [7]