الروّار ما أراده، فاجتمعت إليه جماعة [1] من الأعراب و مضى فقصد شاهي [2] فأقام بها إلى الليل، ثم دخل الكوفة ليلا، و جعل أصحابه ينادون: أيها الناس أجيبوا داعي اللّه حتى اجتمع إليه خلق كثير.
فلما كان من غد مضى إليه بيت المال فأخذ ما فيه، و وجّه إلى قوم من الصيارفة عندهم مال من مال السلطان فأخذه منهم، و صار إلى بني حمّان و قد اجتمع أهله، ثم جلس فجعل أبو جعفر محمد بن عبيد اللّه الحسني و هو المعروف بالأدرع [3] يسارّه و يعظم عليه أمر السلطان، فبينما هم كذلك إذا عبد اللّه بن محمود قد أقبل و عنده جند مرتبون كانوا معه في طساسيج الكوفة [4] ، فصاح بعض الأعراب بيحيى:
أيها الرجل أنت مخدوع، هذه الخيل قد أقبلت. فوثب يحيى فجال في متن فرسه، و حمل على عبد اللّه بن محمود فضربه ضربة بسيفه على وجهه، فولى منهزما و تبعه أصحابه منهزمين [5] .
ثم رجع إلى أصحابه فجلس معهم ساعة ثم خرج إلى الوازار في عسكره و مضى منه إلى حنبلا.
و سار خبر يحيى بن عمر و انتهى إلى بغداد، فندب له محمد بن عبد اللّه بن طاهر بن عمه الحسين بن إسماعيل [6] ، و ضم إليه جماعة من القواد، منهم خالد بن عمران، و أبو السنا الغنوي، و وجه الفلس [7] ، و عبد اللّه بن نصر بن حمزة، و سعد الضّبابي، فنفذوا إليه على كره، و كان هوى أهل بغداد مع يحيى، و لم يروا قط مالوا إلى طالبي خرج غيره.
فنفذ الحسين إلى الكوفة فدخلها و أقام بها أياما[ثم مضى قاصدا يحيى حتى وافاه فأقام في وجهه أياما] [8] ثم ارتحل قاصدا القسّين حتى نزل قرية يقال لها