تحضنهم، و مماليك يخدمونهم، و أفرد لهم في قصره حجرة.
و كنت أتعهدهم فأعرف أخبارهم. فلم يزالوا في دار الخلافة إلى أن قتل محمد الأمين و انتصر أمر دار الخلافة، و خرج من كان فيها، فخرج أحمد بن عيسى فتوارى، و كان أخوه زيد مرض قبل ذلك و مات.
حدّثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار بهذا الخبر على خلاف هذه الحكاية، قال: حدّثني هاشم بن أحمد البغوي، قال: حدّثنا جعفر بن محمد بن إسماعيل، قال: حدّثني إبراهيم بن رياح، قال: حدّثني الفضل بن حماد الكوفي، و كان من أصحاب الحسن بن صالح بن حي:
أن عيسى بن زيد صار إلى الحسن بن صالح فتوارى عنده، فلم يزل على ذلك حتى مات في أيّام المهدي، فقال الحسن لأصحابه: لا يعلم بموته أحد فيبلغ السلطان فيسره ذلك، و لكن دعوه بخوفه و وجله منه و أسفه عليه حتى يموت، و لا تسروه بوفاته فيأمن مكروهه.
فلم يزل ذلك مكتوما حتى مات الحسن بن صالح رحمه اللّه، فصار إلى المهدي رجل يقال له ابن علاّق الصيرفي، و كان اسمه قد وقع إليه و بلغه أنه من أصحاب عيسى، فلما وقف ببابه و استأذن له الحاجب أمر بإدخاله إليه، فأدخل فسلم على المهدي بالخلافة و قال: أعظم اللّه أجرك يا أمير المؤمنين في ابن عمك عيسى.
فقال له: ويحك ما تقول؟.
قال: الحق و اللّه أقول. فقال: و متى مات؟فعرفه فقال: ما منعك أن تعرفني قبل هذا؟قال: منعني الحسن بن صالح. و صدقه عن قوله فيه فقال له: لئن كنت صادقا لأحسنن صلتك، و لأوطئن الرجال عقبك.
قال: ليس لهذا قصدت، إنما علمت أنك في شك من أمره، و لم آمن أن يتشوف به الناس عندك، فأحببت أن تقف على خبره فتستريح و تريح.
قال: أما إنك جئتني ببشارتين يجل خطرهما موت عيسى و الحسن بن صالح، و ما أدّى بأيّهما أنا أشدّ فرحا، فسلني حاجتك.