responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 8  صفحه : 49

سمع رجلا عند الملتزم و هو يقول: اللَّهمّ إني أشكو إليك ظهور البغي و الفساد في الأرض، و ما يحول بين الحق و أهله من الظلم و الطمع. فأسرع المنصور في مشيه حتى ملأ مسامعه من قوله، ثم خرج فجلس ناحية من المسجد، ثم أرسل إليه فدعاه، فصلى ركعتين، و استلم الركن، و أقبل مع الرسول، فسلّم عليه، فقال له المنصور: ما هذا الّذي سمعتك تقوله من ظهور البغي و الفساد في الأرض و ما يحول بين الحق و أهله من الظلم و الطمع؟ فو اللَّه لقد حشوت مسامعي ما أمرضني فأقلقني، فقال: يا أمير المؤمنين، إن أمنتني على نفسي أنبأتك بالأمور من أصلها، و إلا احتجبت منك و أقتصر على نفسي، ففيها لي شغل شاغل. فقال: أنت آمن على نفسك. فقال: يا أمير المؤمنين، إن الّذي دخله الطمع حتى حال بينه و بين الحق و إصلاح ما ظهر من البغي و الفساد في الأرض لأنت. قال: ويحك، كيف يدخلني الطمع و الصفراء و البيضاء بيدي، و الحلو و الحامض في قبضتي. قال: و هل دخل أحد من الطمع ما دخلك يا أمير المؤمنين؟ إن اللَّه عز و جل استرعاك أمور المسلمين بأموالهم، فأغفلت أمورهم، و اهتممت بجمع أموالهم، و جعلت بينك و بينهم حجابا من الآجر و الجص، و أبوابا من الحديد، و حجبة معهم السلاح، و اتخذت وزراء و أعوانا فجرة، إن نسيت لم يذكروك، و إن أحسنت لم يعينوك، و قويتهم على ظلم الناس بالرجال و الأموال و السلاح/، و أمرت 23/ أ أن لا يدخل عليك من الناس إلا فلان و فلان، و لم تأمر بإيصال المظلوم و الملهوف و الجائع و العاري، و ما أحد إلا و له في المال حق، فلما رآك هؤلاء النفر الذين استخلصتهم لنفسك و آثرتهم على رعيتك، و أمرت أن لا يحجبوا عنك، تجبي المال و لا تقسمه، قالوا: هذا قد خان اللَّه، فما لنا لا نخونه، و قد سخّر لنا، و ائتمروا على أن لا يصل إليك من علم أخبار الناس إلا ما أرادوا، و لا يخرج لك عامل فيخالف أمرهم إلا أقصوه [1] عنك حتى تسقط منزلته عندك، فلما انتشر ذلك عنك و عنهم أعظمهم الناس و هابوهم، و كان أوّل من صانعهم عمالك بالهدايا و الأموال ليتقوّوا بها على ظلم رعيتك، [ثم فعل ذلك الثروة و القوة من رعيتك‌] [2] لينالوا ظلم من دونهم من الرعيّة، و امتلأت بلاد اللَّه بالطمع بغيا و فسادا، و صار هؤلاء القوم شركاءك في سلطانك، و أنت غافل، و إن جاء متظلم حيل بينه و بين الدخول إلى مدينتك، و إن أراد رفع قصة إليك عند ظهورك،


[1] في الأصل: «إلا قضوه» و ما أثبتناه من ت.

[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل و ما أثبتناه من ت.

نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 8  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست