نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 7 صفحه : 178
اجتمع في ضيافة سكينة بنت الحسين: جرير، و الفرزدق، و كثير، و جميل، و نصيب، فمكثوا أياما، ثم أذنت لهم فدخلوا عليها، فقعدت حيث تراهم و لا يرونها و تسمع كلامهم، ثم أخرجت وصيفة لها وضيّة قد روت الأشعار و الأحاديث. فقالت:
أيكم الفرزدق؟ قال لها: ها أنا ذا. فقالت: أنت القائل:
هما دلتاني من ثمانين قامة * * * كما انقض باز أقتم الريش كاسره
فلما استوت رجلاي في الأرض قالتا * * * أ حي فيرجى أم قتيل نحاذره [1]
قال: نعم. قالت: فما دعاك إلى إفشاء سرها و سرك، هلا سترتها و سترت نفسك، خذ هذه الألف و الحق بأهلك. ثم دخلت على مولاتها و خرجت، فقالت: أيكم جرير؟ فقال: ها أنا ذا. فقالت: أنت القائل:
طرقتك صائدة القلوب و ليس ذا * * * حين الزيارة فارجعي بسلام
قال: نعم. قالت: فهلّا رحبت بها! خذ هذه الألف و انصرف. ثم دخلت و خرجت فقالت: أ فيكم كثير؟ قال: ها أنا ذا. قالت: أنت القائل:
فأعجبني يا عزّ منك خلائق * * * كرام إذا عدّ الخلائق أربع
دنوّك حتى يطمع الطالب الصبا * * * و رفعك أسباب الهوى حين يطمع
فو اللَّه ما يدري لريم مماطل * * * أ ينساك إذ باعدت أم يتضرع
قال: نعم. قالت: ملحت و شكلت، خذ هذه الألف و الحق بأهلك. ثم دخلت و خرجت فقالت: أيكم نصيب؟. قال: ها أنا ذا. قالت: أنت القائل:
و لو لا أن يقال صبا نصيب * * * لقلت بنفسي النساء الصغار
بنفسي كل مهضوم حشاها * * * إذا ظلمت فليس لها انتصار
قال: نعم. قالت: رثيتنا صغارا و مدحتنا كبارا، خذ هذه الأربعة آلاف و الحق بأهلك. ثم دخلت و خرجت فقالت: يا جميل، مولاتي تقرئك السلام و تقول: و اللَّه ما زلت مشتاقة إلى رؤيتك منذ سمعت قولك:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * * * بوادي القرى إني إذا لسعيد