نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 7 صفحه : 177
من الغد فدخل عليها، فقالت: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت: كذبت صاحبك جرير أشعر منك حيث يقول:
لو لا الحياء لهاجني استعبار * * * و لزرت قبرك و الحبيب يزار
كانت إذا هجر الضجيع فراشها * * * كتم الحديث و عفت الأسرار
لا يلبث القرناء أن يتفرقوا * * * ليل يكر عليهم و نهار
فقال: و اللَّه إن أذنت أسمعتك أحسن منه. فأمرت به فأخرج، ثم عاد إليها في اليوم الثالث و حولها مولدات لها كأنهن التماثيل، فنظر الفرزدق إلى واحدة منهن فأعجب بها و بهت ينظر إليها، فقالت له سكينة: يا فرزدق، من أشعر الناس؟ قال: أنا. قالت:
كذبت، صاحبك أشعر منك حيث يقول:
إن العيون التي في لحظها [1] مرض * * * قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به * * * و هن أضعف خلق اللَّه أركانا
أتبعتم مقلة إنسانها غرق * * * هل ما ترى تارك للعين إنسانا [2]
فقال: و اللَّه لئن تركتيني لأسمعنك أحسن منه. فأمرت بإخراجه، فالتفت إليها و قال: يا بنت رسول اللَّه إن لي عليك حقا عظيما، صرت من مكة إرادة التسليم عليك، فكان جزائي من ذلك تكذيبي و طردي و تفضيل جرير عليّ، و منعك إياي أن أنشدك شيئا من شعري، و بي ما قد عيل منه صبري، و هذه المنايا تغدو و تروح، و لعلي لا أفارق المدينة حتى أموت، فإذا مت فمري بي أن أدرج في كفني و أدفن في حر [3] هذه الجارية- يعني التي أعجبته- فضحكت سكينة و أمرت له بالجارية. فخرج بها، و أمرت بالجواري، فدفعن في أقفيتهما، و نادته: يا فرزدق، احتفظ بها و أحسن صحبتها، فإنّي آثرتك بها على نفسي.
قال علي بن الحسين: و أخبرني ابن أبي الأزهر، قال: حدّثنا حماد بن إسحاق، عن أبيه، عن محمد بن سلام قال: