و نبتك في المنابت خير نبت * * * و غرسك في المغارس خير غرس
و أنت غدا تزيد الضعف ضعفا * * * كذاك تزيد سادة عبد شمس
فأمر له بثلاثين ألف درهم، و خرج فلقيه يحيى بن معبد، فقال: يا أبا جزرة، ما لنا فيك نصيب، قال له: كل بيت بعشرة آلاف درهم، فقال له: قل، فأنشأ يقول:
إذا قيل من للجود و الفضل و الندى * * * فناد بأعلى الصوت يحيى بن معبد
فقال له: زدنا يا أبا حزرة، فقال: دع ذا عنك، كل شيء و حسابه.
و قد ذكرنا أن هذه الأبيات السينية للأعشى، و أنه أنشدها عبد الملك.
و من مستحسن شعر جرير [1]:
إلى اللَّه أشكو أنّ بالغور حاجة * * * و أخرى إذا أبصرت نجدا بدا ليا
إذا اكتحلت عيني بعينك لم تزل [2] * * * بخير و جلّى غمرة عن فؤاديا
فقولا لواديها الّذي نزلت به [3] * * * أ وادي ذي القيصوم أمرعت واديا [4]
فيا حسرات القلب في إثر من يرى * * * قريبا و يلفي [خيره] منك قاصيا [5]
فأنت أبي ما لم تكن لي حاجة * * * فإن عرضت أيقنت أن لا أباليا
و إني لأستحيي أخي أن أرى له * * * عليّ من الفضل الّذي لا يرى ليا
و له أيضا [6]:
بان الخليط و لو طوّعت ما بانا * * * و قطّعوا من حبال الوصل أقرانا
حيّ المنازل إذ لا نبتغي بدلا * * * بالدّار دارا و لا الجيران جيرانا
يا أمّ عمرو جزاك اللَّه مغفرة * * * ردّي عليّ فؤادي كالّذي كانا
قد خنت من لم يكن يخشى خيانتكم * * * ما كنت أوّل موثوق به خانا
[1] ديوانه 602.
[2] في الديوان: «بعينك مسني».
[3] في الأصل: «نزالت به». و ما أوردناه من الديوان، و ت.
[4] في الأصل: «أعشب واديا». و ما أوردناه من ت و الديوان.
[5] في الديوان: «نائيا». و ما بين المعقوفتين: من ت و الديوان.
[6] ديوانه: 593.