responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 6  صفحه : 45

مصر فجئت لأودعكم و أحدث بكم عهدا، و أنا و اللَّه في هذه الهضبة التي ترين منذ ثلاث أنتظر أن أجد فرصة حتى رأيت منحدر فتيانكم [1] العشية، فجئت لأجدد بكم العهد [2] فحدثنا ساعة ثم ودعناه و انطلق. فما لبثنا إلا يسيرا حتى أتانا نعيه من مصر.

أنبأنا عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي بإسناد له عن أبي بكر بن الأنباري، قال:

حدّثنا محمد بن المرزبان، قال: حدّثنا أبو بكر العامري، قال: حدّثنا علي بن محمد و هو المدائني، قال: حدّثني أبو عبد الرحمن العجلاني، عن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، قال:

كنت بالشام فقال لي قائل: هل لك في جميل فإنه لما به، فدخلت عليه و هو يجود بنفسه و ما يخيل لي أن الموت يكتربه، فقال لي: يا ابن سعد، ما تقول في رجل لم يسفك دما حراما قط، و لم يشرب خمرا قط، و لم يزن قط يشهد أن لا إله إلا اللَّه و أن محمدا رسول اللَّه منذ خمسين سنة، قلت: من هذا؟ ما أحسبه إلا ناجيا، قال اللَّه تعالى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً [3] فلعلك تعني نفسك، قال: نعم، قلت: كيف و أنت تشبب ببثينة منذ عشرين سنة، قال: هذا آخر وقت من أوقات الدنيا، و أول وقت من أوقات الآخرة، فلا نالتني شفاعة محمد إن كنت وضعت يدي عليها لريبة قط، و إن كان أكثر ما نلت منها إلا أني كنت آخذ يدها فأضعها على قلبي فأستريح إليها [4]. ثم أغمي عليه و أفاق فأنشأ يقول:

صرح النعيّ و ما كنى بجميل‌ * * * و ثوى بمصر ثواء غير قفول‌

و لقد أجر الذيل في وادي القرى‌ * * * نشوان بين مزارع و نخيل‌

قومي بثينة فاندبي بعويل‌ * * * و أبكي خليلك قبل كل خليل‌

ثم أغمي عليه فمات.


[1] في ت: «صبيانكم».

[2] في ت: «لأجدد بكم عهدا».

[3] سورة: النساء، الآية: 31.

[4] في الأصل: «فأسترح إليها»، و ما أوردناه من ت.

نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي    جلد : 6  صفحه : 45
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست