نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 6 صفحه : 23
ساجدا يدعو و يقول: «اللَّهمّ إني لم أعتمد ما جرى، فلا تهلك عبادك بذنبي، و هذه ناصيتي بين يديك». فلما تعالى النهار أمن الناس و تراجعوا، فقال لهم: ينهدم في بيت أحدكم حجر فيبنيه و يصلحه، و أترك الكعبة خرابا. ثم هدمها مبتدئا بيده، و تبعه الفعلة إلى أن بلغوا إلى قواعدها، و دعي بناءين من الفرس و الروم. فبناها.
و في هذه السنة جاء نعي يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر و فيها بويع لمعاوية بن يزيد بالشام بالخلافة، و لعبد اللَّه بن الزبير بالحجاز [1].
و لما هلك يزيد مكث الحصين بن نمير و أهل الشام يقاتلون ابن الزبير و لا يعلمون بموت يزيد أربعين يوما و قد حصروهم حصارا شديدا، و ضيقوا عليهم، فبلغ موته ابن الزبير قبل أن يبلغ حصين، فصاح بهم ابن الزبير: إن طاغيتكم قد هلك، فمن شاء منكم أن يدخل فيما دخل فيه الناس فليفعل، و من كره فليلحق بشآمه، فما صدقوا، حتى قدم ثابت بن قيس بن المنقع [2] النخعي، فأخبر الحصين بذلك، فبعث الحصين بن نمير إلى ابن الزبير: موعد ما بيننا و بينك الليلة الأبطح. [فالتقيا] [3]، فقال له الحصين:
إن يك هذا الرجل قد هلك فأنت أحق بهذا الأمر، هلم فلنبايعك، ثم اخرج معي إلى الشام، فإن هذا الجند الذين معي [هم] وجوه أهل الشام و فرسانهم، فو اللَّه لا يختلف عليك اثنان [4]، و تؤمّن الناس، و تهدر هذه الدماء التي كانت بيننا و بينك. فقال: لا أفعل، و لأقتلن بكل رجل عشرة [5]. فقال الحصين: قد كنت أظن أن لك رأيا، أنا أدعوك إلى الخلافة و أنت تعدني بالقتل.
ثم خرج و صاح في الناس/ فأقبل بهم نحو المدينة، و ندم ابن الزبير على ما صنع، فأرسل إليه: أمّا أن أسير إلى الشام فلست فاعلا لأني أكره الخروج من مكة،