و قد ذكرنا أنه كان يتنسك، و كان يقول لأصحابه: أوصيكم بتقوى اللَّه عز و جل، و الزهد في الدنيا، و الرغبة في الآخرة، و كثرة ذكر الموت، و فراق الفاسقين، و حب المؤمنين، ألا إن من نعمة اللَّه عز و جل على المؤمنين أن بعث فيهم رسولا منهم- أو قال: من أنفسهم- فعلمهم الكتاب و الحكمة، ثم ولي من بعده الصديق فاقتدى بهداه، و استخلف عمر فعمل بكتاب اللَّه عز و جل، و أحيا سنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و سلم، و لم يخف لومة لائم، و ولي بعده عثمان، فاستأثر بالفيء، و جار في الحكم فبرئ اللَّه منه و رسوله و صالح المؤمنين، و ولي علي بن أبي طالب فلم ينشب أن حكّم في أمر اللَّه عز و جل الرجال، و أدهن، فنحن منه و من أشياعه براء، فتيسروا رحمكم اللَّه لجهاد هذه الأحزاب المتحزّبة، و أئمة الضلال الظلمة، و للخروج من دار الفناء إلى دار البقاء، و اللّحاق بإخواننا المؤمنين الذين باعوا الدنيا بالآخرة، و لا تجزعوا من القتل في اللَّه سبحانه فإن القتل أيسر من الموت، و الموت نازل بكم، ألا فبيعوا اللَّه أنفسكم طائعين تدخلوا الجنة آمنين.
و قد ذكرنا أنه كتب إلى شبيب، فجاءه شبيب في أصحابه، و قال: أخرج بنا رحمك اللَّه، فو اللَّه ما تزداد السنّة إلا دروسا، و لا المجرمون إلا طغيانا. فبث صالح رسله في أصحابه و واعدهم الخروج في هلال صفر سنة ست و سبعين، فاجتمعوا عنده تلك
[1] تاريخ الطبري 6/ 216، و البداية و النهاية 9/ 14.
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 6 صفحه : 179