نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 2 صفحه : 128
من الوصائل، فقال أبرهة: و المسيح لأبنينّ لكم خيرا منه! فبنى لهم بيتا عمله بالرخام الأبيض، و الأحمر، و الأصفر، و الأسود، و حلاه بالذهب و الفضة، و حفّه بالجواهر، و جعل له أبوابا عليها صفائح الذهب و مسامير الذهب، و جعل فيه ياقوتة حمراء عظيمة، و جعل له حجّابا و كان يوقد فيه بالمندل، و يلطخ جدره بالمسك، و أمر الناس [أن] يحجوه [1]، فحجه كثير من قبائل العرب سنين، و مكث فيه رجال يتعبّدون، و كان نفيل الخثعميّ يؤرّض [2] له ما يكره، فأمهل، فلما كان [3] ليلة من الليالي لم ير أحدا يتحرّك، فقام فجاء بعذرة فلطخ بها قبلته، و جمع جيفا فألقاها فيه. فأخبر أبرهة بذلك [4]، فغضب غضبا شديدا، و قال: إنّما فعلت هذا العرب/ غضبا لبيتهم، لأنقضنّه حجرا حجرا.
فكتب إلى النجاشيّ يخبره بذلك، و سأله أن يبعث إليه بفيله «محمود»- و كان فيلا لم ير قط مثله عظما و جسما و قوة- فبعث به إليه، فسار أبرهة بالناس و معه ملك حمير [5]، و نفيل بن حبيب الخثعميّ، فلما دنا من الحرم أمر أصحابه بالغارة على نعم الناس، فأصابوا إبلا لعبد المطلب فجاء فقال: حاجتي أن ترد إبلي. فقال: ظننتك كلمتني في البيت [6]. فقال: إن [7] للبيت ربا سيمنعه. [فردّت عليه] [8]، فأشعرها و جعلها هديا [و بثها] [9] في الحرم لكي يصاب منها شيء فيغضب رب الحرم.
فأقبلت الطير من البحر، مع كلّ طائر [ثلاثة أحجار:] [10] حجران في رجليه و حجر في منقاره، فقذفتها عليهم، و بعث اللَّه عز و جل [11] سيلا فذهب بهم فألقاهم في البحر،
[1] في ت: «و أمر الناس أن يحجه فحجوه». و في الطبري: «و أمر الناس محجوه، محجه كثير ...».