نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 16 صفحه : 245
و أربعمائة، و تفقه في صباه على والده و له دون العشرين سنة، فأقعده مكانه للتدريس [1] [فأقام التدريس] [2]، و سمع الحديث الكثير في البلاد، و في بغداد من أبي محمد الجوهري، و روى عنه شيخنا زاهر بن طاهر الشحامي، و خرج إلى الحجاز فأقام بمكة أربع سنين، و عاد إلى نيسابور فجلس للتدريس ثلاثين سنة، و قد سلم إليه التدريس و المحراب و المنبر و الخطابة و مجلس التذكير يوم الجمعة، و كان يحضر درسه كل يوم نحو ثلاثمائة، و تخرج به جماعة من الأكابر [3]، حتى درّسوا في حياته، و صرف أكثر عنايته في آخر عمره إلى تصنيف الكتاب الّذي سماه: «نهاية المطلب في دراية المذهب» و كان الشيخ أبو [4] إسحاق يقول له: أنت إمام الأئمة. 118/ ب و كان الجويني قد بالغ في الكلام، و صنّف الكتب الكثيرة فيه، ثم رأى أن مذهب السلف أولى، فروى عنه أبو جعفر الحافظ أنه قال: ركبت البحر الأعظم، و غصت في الّذي نهى عنه [5] أهل الإسلام كل ذلك في طلب الحق، و كنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، و الآن فقد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطف بره و إلا فالويل لابن الجويني.
و أنبأنا أبو زرعة، عن أبيه محمد بن طاهر المقدسي قال: سمعت أبا الحسن القيرواني و كان يختلف إلى درس أبي المعالي الجويني يقرأ عليه الكلام يقول: سمعت أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا، لا تشتغلوا بالكلام، فلو علمت أن الكلام يبلغ إلى ما بلغ ما اشتغلت به.
قال المصنف رحمه اللَّه: و شاع عن أبي المعالي أنه كان يقول ان اللَّه يعلم جمل الأشياء و لا يعلم التفاصيل، فوا عجبا! أ ترى التفاصيل يقع عليها اسم شيء أو لا؟ فإن وقع عليها اسم شيء فقد قال اللَّه وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[6]وَ كُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ[7].