نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 16 صفحه : 155
المملكة، و خلا و جمع زواريق، و طرح فيها رحله ليعبر فهرب، فجاءت في الليل ريح شديدة جدا، و سيل عظيم، و طفح الماء من البرية إلى الحريم، و طغى على أسوار المحال فهدمها، و نزل من فوقها و أسفل منها، و صعد من تحت الأرض، و قلع الطوابيق، و نبع من الآبار و البلاليع فرماها في ليلتها فصارت تلالا عالية، ثم صبح دار الخلافة ففعل بأكثرها مثل ذلك، و كان قد دخلها من بيت النوبة و من سور باب الغربة، ثم من باب النوبي و باب العامة و الجامع، فهرب الخدم و الخواص متحيرين، و المطر يأتي من فوق، و خرج الماء على الخليفة من تحت السرير الّذي كان جالسا عليه، فنهض إلى الباب فلم يجد طريقا، فحمله أحد الخدم على ظهره إلى التاج، و خرج الجواري حاسرات، فعبرن إلى الجانب الغربي، و أقيم في الدار أربع ركاء، و حطت إليها الأموال و الحرم، و لبس الخليفة البردة، و أخذ بيده القضيب و لم يطعم يومه و ليلته.
و أما الوزير فخر الدولة فإنه دخل عليه الماء في داره بباب العامة، فركب و خاض بالفرس/ إلى حضرة الخليفة، فاستأذن فيما يفعل فقيل له: اطلب لنفسك مخلصا قبل 77/ ب أن لا تجده، فمضى إلى الطيار على باب الغربة، فأقام فيه، و جاءه الملاح بثلاثة أرغفة يابسة و خل، فأكل و استلقى على البارية.
و هلك من أموال الناس تحت الهدم الكثير، و تلف من سكان درب القباب الجم الغفير، و هرب الناس إلى باب الطاق، و دار المملكة، و تلال الصحراء العالية، و الجانب الغربي على تخبيط شديد، و تضنك قبيح، و جاء الماء من البرية كالجبال يهلك ما مر به من أنس و وحش، و جاء على رأس الماء في الأبواب و الأخشاب و الآلات و الحباب شيء كثير، و شوهد على تل في وسط الماء سبع و يحمور واقفين، و هلك من الوحوش ما لا يحصى، و صعد بعضها الردافي فصعد السوادية سباحة فأخذوها.
و جاء الخبر من الموصل أن الماء ورد في البرية كالجبال، فلطم سور سنجار و كان حجرا فهدم قطعة منه، و دحا بأحد بابيه أربعة فراسخ، و وقعت آدر [1] بباب المراتب منها دار ابن جردة، و كانت تشتمل على ثلاثين دارا، و على بستان، و حمام يساوي عشرات
[1] آدر: جمع «دار» [انظر لسان العرب صفحة 1452 (دور)].
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 16 صفحه : 155