وزر لمشرف الدولة أبي علي بن بهاء الدولة سنتين ثم عزل و كان في زمان عطلته عظيم الجاه، و توفي في هذه السنة و قد قارب الثمانين، و كان قد قيل ان واسط خالية عن مارستان و هي مصر من الأمصار الكبار، و تجاورها البطائح و أعمالها، فاختار موضعا فجعله مارستانا و أنفق عليه جملة وافرة و فتح في سنة ثلاث عشرة و حملت إليه الأدوية و رتب له الخزان و الأطباء و وقف عليه الوقوف و تولى إثارة أموال فخر الملك أبي غالب [3] من غير ضرب بعصا فاستخرجها بألطف شيء، و كان فخر الدولة [4] قد أودع أقواما و لحن بأسمائهم و كنى عن ألقابهم فكان فيها عند الكوسج اللحياني عشرون ألف دينار و عند بسرة بقمعها ثلاثون ألف دينار فلم يعرف من هذان فدخل عليه رجل كان يتطايب لفخر الملك و يأنس به و كان يلقبه الكوسج اللحياني لكثافة الشعر في أحد عارضيه و خفته في الآخر فدخل إلى الرخجي متظلما من جار له متقربا إليه بخدمة فخر الملك فقال له يا مولانا إنه كان يطلعني فخر الملك على أسراره و يلقبني بالكوسج اللحياني فقال لأصحابه لا تفارقوه إلا بعشرين ألف دينار و تهدده بالعقوبة فحملها بختومها ثم تفكر في قوله عند بسرة بقمعها فقال هو الصابئ فاحضر هلال بن المحسن فخاطبه سرا و كان هذا أحد كتاب فخر الملك فلم ينكر فقال له قم أيها الرئيس آمنا و لا تظهر/ هذا الحديث لأحد و أنفق المال على نفسك و ولدك ثم حضر ابن الصابئ على أبي سعد بن عبد الرحيم في وزارته فقال له قد عرفت ما دار بينك و بين الرخجي و أنت تعلم حاجتي