نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 15 صفحه : 191
دار المملكة، و منعوا من دخول الطعام و الماء، فضاق الأمر على من في الدار حتى أكلوا ما في البستان، و شربوا من الآبار، فخرج الملك و دعا قوما من الموكلين بالأبواب فلم يأتوا فكتب رقعة إلى الغلمان: بأني أرجع عن كل ما أنكرتموه و أعطيكم، فقالوا أعطيتنا ملء بغداد لم تصلح لنا و لم نصلح لك، فقال: إذ كرهتموني فمكنوني من الانحدار، و استقر الأمر على انحداره و ابتيع له زبزب شعث، فقال: يكون نزولي بالليل، فقالوا، لا بل الآن، و الغلمان يرونه قائما فلا يسلمون عليه، و يدعوهم فلا يجيبونه، فحمل قوم من الغلمان على السرادق فظن أنهم يريدون الحرم، فخرج و في يده طبر و قال: قد بلغ الأمر إلى الحرم، فقال بعضهم: ارجع إلى دارك فإنك ملكنا، و صاحوا: جلال الدولة يا منصور، و انتضيت السيوف و ترجلوا و قبلوا الأرض و أخرج المصاغ/ حتى حلي النساء فصرفه إليهم [1]، و أخرج الثياب و الفروش و الآلات الكثيرة، فلم يف ببعض المقصود، ثم اجتمعوا عند الوزير و هموا بقتله، فقال: لا ذنب له و أخرجت الآلات فبيعت، و كان فيها كيس و سفرة و طست.
و قد ذكرنا ما جرى على النخل في السنة الماضية من البرد و الريح، فلما جاءت هذه السنة عدم الرطب إلّا ما يجلب من بعد، فبيع كل ثلاثة أرطال بدينار جلالي، و اشتد البرد فجمدت حافات دجلة، و وقفت العروب بعكبرا عن الدوران لجمود ما حولها، و هلك ببغداد من النخل عشرات ألوف.
و تأخر في هذه السنة ورود الحاج من خراسان، و بطل الحج من العراق و البصرة و تأخر عنه أهل مصر، و مضى قوم من خراسان إلى مكران فركبوا في البحر من هناك إلى جدة فحجوا.