نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 14 صفحه : 146
سلم أقبل [1] إليّ و رحب بي، و قام و قمت معه، و دخل إلى داره، فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة و عليها هريسة، فقال: يأكل الشريف، فأكلت و أنا لا أحصل أمري، فلما رأي تقصيري قال: أراك منقبضا فما الخبر؟ فقصصت عليه قصتي، و أني أنفقت المال، فقال: كل، فإن حاجتك تقضى، ثم أحضر حلوى فأكلنا، فلما رفع الطعام و غسلنا أيدينا قال: يا جارية افتحي ذلك الباب. فإذا خزانة مملوءة زبلا [2] مجلدة فأخرج إلي بعضها و فتحها إلى أن أخرج النقد الّذي كانت الدنانير منه، و استدعى الغلام و التخت و الطيار، فوزن عشرة آلاف دينار و بدرها، و قال: يأخذ الشريف هذه، فقلت:
يثبتها الشيخ علي فقال: افعل، و قد كاد عقلي يطير فرحا، فركبت بغلتي و تركت الكيس على القربوس، و غطيته بطيلساني وعدت إلى داري، و انحدرت إلى السلطان بقلب قوي، و جنان ثابت، فقلت: ما أظن إلا أنه قد استشعر فيّ أني قد أكلت مال اليتيم، و استبددت به، و المال فقد أخرجته، فأحضر قاضي القضاة و الشهود، و النقباء، و ولاة العهود، و أحضر الغلام و فك حجره، و سلم المال إليه، و عظم الشكر لي، و الثناء عليّ، فلما عدت إلى منزلي استدعاني أحد الأمراء من أولاد الخلافة، و كان عظيم الحال، فقال: قد رغبت في معاملتك [و تضمينك أملاكي] [3] ببادية يا و نهر [4] الملك، فضمنت ذلك بما تقرر بيني و بينه من المال، و جاءت السنة، و وفيته و حصل في يدي من الربح ما له قدر كبير، و كان ضماني لهذه الضياع ثلاث سنين، فلما مضت حسبت حسابي،/ و قد تحصل في يدي ثلاثون ألف دينار، فعزلت عوض العشرة آلاف دينار التي أخذتها من دعلج و حملتها إليه، و صليت معه الغداة، فلما انفتلت [5] و انفتل من صلاته رآني، فنهض معي إلى داره، و قدم المائدة و الهريسة، فأكلت بجأش ثابت و قلب طيب، فلما قضينا الأكل، قال لي: خبرك و حالك، فقلت: بفضل اللَّه و بفضلك قد أفدت بما فعلته معي ثلاثون ألف دينار، و هذه عشرة آلاف عوض الدنانير التي أخذتها منك، فقال: يا سبحان