نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 13 صفحه : 337
لا يقنع إلا بأدائها، فكتب الوزير أبو جعفر الكرخي تقسيطا بدأ فيه بنفسه، و دخل عليه جعفر بن ورقاء فسلم إليه الدرج، و خاطبه ليكتب شيئا، فقال: أنا أدبر الأمر، و كتب ضمن جعفر بن ورقاء لوكيل أمير المؤمنين مائة ألف دينار عن عبد الرحمن بن عيسى، و نفذ بها، فلما رأى الراضي الرقعة اغتاظ و خرقها، و قال: قل له يا أعرابي جلف أردت أن ترى الناس أنك واسع النفس و قد عزمت عمن لا حرمته بينك و بينه هذا المال، و ضاقت نفسي أنا عن تركه و هو خادمي فتظهر أنك أكرم مني، لا كان هذا، فقال ابن ورقاء: و اللَّه ما اعتمدت أن يقع في نفسه إلا هذا فيفعل ما فعله، و لو جرى الأمر بخلافة لأديت ما أملك، و استمحت الناس.
أخبرنا أبو منصور القزاز، أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: كان للراضي فضائل كثيرة و ختم الخلفاء في أمور عدة منها: أنه آخر خليفة له شعر مدون، و آخر خليفة انفرد بتدبير الجيوش و الأموال، و آخر خليفة خطب على المنبر يوم الجمعة، و آخر خليفة جالس الجلساء و وصل إليه الندماء، و آخر خليفة كانت نفقته و جوائزه و عطاياه و جراياته و خزانته و مطابخه و مجالسه و خدمه و حجابه و أموره كلها تجري على ترتيب المتقدمين من الخلفاء، و قد روي لنا في حديث أنه وقع حريق بالكرخ [1]، فأطلق للهاشميين عشرة آلاف دينار و للعامة أربعين ألفا حتى عمروا ما احترق، و ولع بهدم القصور من دار الخلافة و تصييرها بساتين.
و له أشعار حسان منها:
لا تعذلي كرمي على الإسراف * * * ربح المحامد متجر الإشراف
أجرى كآبائي الخلائف سابقا * * * و أشيد ما قد أسست أسلافي
إني من القوم الذين أكفهم * * * معتادة الأخلاف و الإتلاف
حدثنا عبد الرحمن بن محمد، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت، أخبرنا علي بن المحسن التنوخي، عن أبيه، قال: سمعت أبا بكر محمد بن يحيى الصولي يحكي: أنه دخل على الراضي و هو يبني شيئا أو يهدم شيئا فأنشده أبياتا، و كان الراضي جالسا على