كانت له رحلة مشهورة [2]، و طلب مشهور. سمع من أحمد بن حنبل و غيره من الأئمة، و له تصانيف كثيرة منها «مسندة». روى فيه عن ألف و ستمائة صحابي، بل يزيدون على هذا العدد، و شيوخه أعلام، فإنه روى عن مائتي رجل و أربعة و ثلاثين، جمهورهم مشاهير، و جمع إلى العلم الصلاح و التقوى.
أخبرنا أبو بكر أحمد بن خلف، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد [3] بن علي البناء، أخبرنا عبد الكريم بن هوازن قال: سمعت حمزة بن يوسف السهمي يقول:
سمعت نصر بن أحمد بن عبد الملك يقول: سمعت عبد الرحمن بن أحمد يقول:
سمعت أبي يقول: جاءت امرأة إلى ابن مخلد فقال: إن ابني قد أسره الروم، و لا أقدر على مال أكثر من دويرة، و لا أقدر على بيعها، فلو أشرت إلى من يفديه بشيء، فليس لي ليل و لا نهار، و لا نوم و لا قرار. فقال: انصرفي حتى انظر في أمره إن شاء اللَّه تعالى.
قال: و أطرق الشيخ و حرك شفتيه. قال: فلبثنا مدة فجاءت المرأة مع ابنها، و أخذت تدعو له و تقول: قد رجع سالما و له حديث يحدثك به. فقال الشاب: كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى، و كان له إنسان يستخدمنا كل يوم، نخرج إلى الصحراء، ثم يردنا و علينا قيودنا [4] فبينا نحن نجيء من العمل بعد المغرب، انفتح القيد من رجلي، و وقع على الأرض، و وصف اليوم و الساعة فوافق الوقت [5] الّذي جاءت المرأة و دعا الشيخ. قال: فنهض إليّ الّذي كان يحفظني صاح علي [6] و قال: قد كسرت القيد. قلت: لا إنه سقط من رجلي. فتحير و أخبر صاحبه، و أحضر الحداد و قيدني،
[1] تذكرة الحفاظ 2/ 184. و تاريخ ابن عساكر 3/ 277. و نفح الطيب 1/ 589. و طبقات الحنابلة 79 و بغية الملتمس 229. و تاريخ علماء الأندلس 1/ 81.