نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 11 صفحه : 82
أحد إلّا قد خرج، فصيّروا أصحابكم على الثلمة يرمون قليلا، و إلا افتضحتم و ذهبت المدينة. فأبوا أن يمدّوه بأحد، فقالوا: سلم السور من ناحيتنا [1]، و نحن ما نسألك أن تمدّنا فشأنك بناحيتك. فعزم هو و أصحابه أن يخرجوا إلى أمير المؤمنين، فيسألونه الأمان، و يسلّموا إليه الحصن [2].
فلما أصبح وكّل أصحابه بجنبي الثلمة، و خرج فقال: [إني] [3] أريد أمير المؤمنين، و أمر أصحابه أن لا يحاربوا حتى يعود إليهم، فخرج حتى وقف بين يدي المعتصم، و الناس يتقدّمون إلى الثلمة، و قد أمسك الروم عن الحرب حتى وصلوا إلى السور، و الروم يقولون بأيديهم: لا تحيوا و هم يتقدمون، فدخل الناس المدينة، و أخذت الروم السيوف، و أقبل الناس بالأسرى و السبي من كل وجه حتى امتلأ العسكر، فقتل ثلاثين ألفا و سبى مثلهم، و كان في سبيه ستون بطريقا، و طرح النار في عمّورية من جميع نواحيها [4] فأحرقها [5]، و جاء ببابها إلى العراق، و هو الباب المنصوب اليوم على دار الخليفة المجاور لباب الجامع، و يسمّى «باب العامة».
و روى أبو بكر الصولي قال: حدثنا الغلابي قال: حدثني يعقوب بن 38/ ب جعفر بن سليمان قال:/ غزوت مع المعتصم عمّورية فاحتاج الناس إلى ماء، فمدّ لهم المعتصم حياضا من أدم عشرة أميال، و ساق الماء فيها إلى سور عمّوريّة، فقام يوما على السور رجل منهم فصيح بالعربية، فشتم النبي (صلّى اللَّه عليه و آله و سلّم) باسمه و نسبه، فاشتد ذلك على المسلمين، و لم تبلغه النشابة، قال يعقوب: و كنت أرمي، فاعتمدته فأصبت [6] نحره فهوى و كبر المسلمون، و سرّ المعتصم، و قال: جيئوني بمن رمى هذا العلج. فأدخلوني عليه، فقال: من أنت؟ فانتسبت له، فقال: الحمد للَّه الّذي جعل ثواب [7] هذا السهم لرجل من أهل بيتي [8]، ثم قال: بعنى [9] هذا الثواب، فقلت: يا أمير المؤمنين ليس الثواب مما يباع، فقال: إني أرغبك، فأعطاني مائة ألف درهم [10] إلى أن بلغ خمسمائة