نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 11 صفحه : 291
معك منذ [1] خمسين سنة و لك أربع بنات و أختان و أنا [2] و أمي و أنت تاسع القوم، استنفقه و اكسنا [3]، و لعل اللَّه يغنيك فتعطيه أو يكافئه عنك و يقضيه، فقال لها [4]: لست أفعل و لا أحرق حشاشي بعد ست و ثمانين سنة، قال: ثم سكت القوم و انصرفت.
فلما كان من الغد على ساعات من النهار سمعت الخراساني يقول: يا معشر [5] الحاج! وفد اللَّه من الحاضر و البادي، من وجد هميانا فيه ألف دينار فردّه أضعف اللَّه له الثواب، قال [6]: فقام إليه الشيخ و قال: يا خراساني! قد قلت لك بالأمس و نصحتك و بلدنا و اللَّه فقير قليل الزرع و الضرع، و قد قلت لك أن [7] تدفع إلى واجده مائة دينار، فلعله أن يقع بيد رجل مؤمن يخاف اللَّه عز و جل فامتنعت [8]، فقل له عشرة دنانير منها، فيردّه عليك و يكون له في العشرة دنانير ستر و صيانة، قال: فقال له الخراساني: لا نفعل و لكن [9] نحيله على اللَّه عز و جل، قال: ثم افترقا.
فلما كان من الغد سمعت الخراساني ينادي ذلك النداء بعينه، فقام الشيخ فقال له: يا خراساني، قلت أول أمس العشر منه، و قلت لك عشر العشر أمس، و اليوم أقول لك [10] عشر العشر يشتري بنصف دينار قربة يستقي عليها للمقيمين بمكة بالأجرة و بالنصف الآخر [11] شاة يحلبها و يجعل ذلك لعياله غذاء، قال: لا نفعل، و لكن نحيله على اللَّه عز و جل، قال: فجذبه الشيخ [جذبة] [12] و قال: تعال خذ هميانك، و دعني أنام الليل، و أرحني من محاسبتك، فقال له: امش بين يدي.
فمشى الشيخ [13] و تبعه الخراساني و تبعهما، فدخل الشيخ فما لبث أن خرج و قال: ادخل يا خراساني، فدخل و دخلت فنبش [14] تحت درجة/ له مزبلة، 122/ أ فنبش و أخرج منها الهميان أسود من خرق بخارية غلاظ و قال: هذا هميانك؟
فنظر إليه و قال: هذا همياني، قال: ثم حل رأسه من شد وثيق، ثم صب المال في