نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 11 صفحه : 19
يرجع في الدين من ضرره ما ينال [1] المسلمين من القول في القرآن، فقد تزيّن في عقول أقوام أنه ليس بمخلوق، فضاهوا قول النصارى في عيسى إنه ليس/ بمخلوق 10/ ب و اللَّه تعالى يقول: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا [2] و تأويل ذلك: إنا خلقناه، كما قال وَ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها [3].
و قال: وَ جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً وَ جَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً [4] وَ جَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ [5].
و قال: فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ [6] فدلّ على إحاطة اللوح بالقرآن، و لا يحاط إلا بمخلوق.
و قال: ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ [7].
و قال: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ [8] فجعل له أولا و آخرا، فدلّ على أنه محدود مخلوق.
و قد عظّم هؤلاء الجهلة بقولهم في القرآن الثّلم في دينهم، و سهّلوا السبيل لعدوّ الإسلام، و اعترفوا بالتبديل و الإلحاد على أنفسهم [9]، حتى وصفوا خلق اللَّه و أفعاله [10] بالصّفة التي هي للَّه عز و جل وحده، و شبهوه [11] به و الاشتباه أولى بخلقه [12]، و ليس يرى أمير المؤمنين لمن قال بهذه المقالة حظّا في الدّين، و لا نصيبا من الإيمان [و اليقين] [13] و لا يرى أن يحلّ أحدا منهم [14] محلّ الثقة في أمانة، و لا عدالة و لا شهادة، و لا تولية لشيء من أمر [15] الرّعيّة، و إن ظهر قصد بعضهم، و عرف بالسداد مسدّد فيهم، فإن الفروع مردودة إلى أصولها، و محمولة في الحمد و الذمّ عليها، و من كان جاهلا بأمر دينه