نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 11 صفحه : 106
بلغني عن الفضل بن محمد بن أبي محمد اليزيدي و كان من العلماء الأدباء الفضلاء [1]، قال: كان لرجل حجازي جارية مغنية شاعرة، و كان مشغوفا بها، فأملق في بلده، فسافر بها طلبا للرزق، فقصد [2] بغداد فسمع به جماعة من أهلها فقصدوه للمعاشرة، فلم يحظ منهم بطائل، و رآهم يلاحظون الجارية و يولعون بها، فقطعهم عنه [3]، فاشتدت فاقته [4]، فقصد أبا دلف العجليّ بالكرج، فمدحه و لم يك شعره بالطائل [5] بحيث يقتضي كثرة الجائزة، فاضطر إلى بيع الجارية، فابتاعها منه أبو دلف بثلاثة آلاف دينار، و كساه و وصله و حمله، فانصرف و هو باك حزين، فوصل إلى بغداد، و كان يحضر عندي دائما و يشكو شوقه إلى الجارية شكوى تؤلمني [6]، فانصرف من عندي يوما، ثم بعث إلي برقعة يقول فيها: إنه وصل إلى منزله فوجد الجارية و قد أهداها له أبو دلف، فتطلعت نفسي إلى معرفة الحال، فمضيت إليه فوجدت الجارية 49/ أ جالسة، و امرأة كهلة و خادما، فسألتها عن أمرها [7]، فقالت: إني لما فارقت/ مولاي عظم استيحاشي و حزني، حتى امتنعت من الطعام و النوم، فاستدعاني أبو دلف، و طيّب نفسي بكل وعد جميل، و سامني الغنى، فكنت إذا هممت بإجابته خنقتني العبرة، فلم أستطع الكلام، و فعل ذلك دفعات، و أنا على حالي، فجفاني و بقيت [8] في حجرة أفردت لي، لا أرى [9] إلا خادما [ربما] [10] كان برسم حفظي، و جارية وكلت بخدمتي، و كنت قلت أبياتا و علقتها في رقعة، انظر فيها وقت خلوتي، [و هي:] [11]
لو يعلم القاسم العجليّ ما فعلا * * * لعاد معتذرا أو مطرقا خجلا
ما ذا دعاه إلى هجر المروة في * * * تفريق إلفين كانا في الهوى مثلا
فإن مولاي أصمته الخطوب بما * * * لو مر بالطفل عاد الطفل مكتهلا
فباعني بيع مضطر و صيره * * * فرط الندامة بعد البين مختبلا
و بت [12] عادمة للصبر باكية * * * كأنني مدنف قد شارف الأجلا