نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 10 صفحه : 76
السرايا انحاز إلى الكوفة، فوثب محمد بن محمد و من معه من الطالبيين على دور بني العباس و دور مواليهم و أتباعهم بالكوفة فانتهبوها و هدموها و أحرقوها، و خربوا ضياعهم، و أخرجوهم من الكوفة، و عملوا في ذلك عملا قبيحا، و استخرجوا الودائع التي كانت لهم عند الناس فأخذوها [1].
و بعث أبو السرايا إلى مكة حسين بن حسن/ بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، و بعث إلى المدينة محمد بن سليمان بن داود بن الحسن بن الحسن ابن علي بن أبي طالب ليأخذها، و كان الوالي على مكة و المدينة داود بن عيسى بن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن العباس.
فأما المبعوث إلى المدينة فإنه دخلها، و لم يمنعه أحد. و أما المبعوث إلى مكة فإنه لما مضى توقف هنيهة لمن فيها، و كان داود بن عيسى لما بلغه توجيه أبي السرايا حسين بن حسن جمع موالي بني العباس و العبيد، و كان مسرور الكبير الخادم قد حجّ تلك السنة في مائتي فارس من أصحابه، و تعبأ لحرب من يريد دخول مكة من الطالبيين، فقال لداود: أقم لي شخصك أو شخص بعض ولدك، و أنا أكفيك قتالهم. فقال له داود:
لا استحل القتال في الحرم، و اللَّه لئن دخلوا من هذا الفجّ لأخرجن من هذا الفجّ.
فانحاز داود من مكة و قال لابنه: صلّ بأهل الموسم، و بت بمنى، ثم الحقني و خشي مسرور أن يقاتل فيميل عنه أكثر من جمع. فخرج إلى العراق، و دفع الناس لأنفسهم من عرفة بغير إمام، حتى أتى مزدلفة، فصلى بهم المغرب و العشاء رجل من عرض الناس من أهل مكة، و حسين بن حسن واقف يرهب أن يدخل مكة فيدفع عنها، فخرج إليه قوم يميلون إلى الطالبيين فأخبروه أن الأماكن قد خلت من السلطان، فدخل قبيل المغرب و معه نحو من عشرة، فطافوا و سعوا، و مضوا إلى عرفة بالليل، ثم رجع إلى مزدلفة فصلى بالناس الفجر، و دفع بالناس، و أقام بمنى أيام الحج/، فلم يزل مقيما بها حتى انقضت سنة تسع و تسعين، و أقام محمد بن سليمان الطالبي بالمدينة حتى انقضت سنته أيضا [2].