نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 10 صفحه : 74
دونه، فغضب لذلك بالعراق من بها من بني هاشم و وجوه الناس، و أنفوا من غلبة الفضل على المأمون، و اجترأوا على الحسن بن سهل بذلك، و هاجت الفتن في الأمصار، و كان أول من خرج بالكوفة ابن طباطبا، و كان أبو السرايا من رجال هرثمة، فمطله برزقه فغضب و مضى إلى الكوفة، و بايع محمد بن إبراهيم، و أخذ الكوفة، و استوثق له أهلها بالطاعة، و أقام محمد بالكوفة، و أتاه الناس من النواحي و الأعراب. [1]
فلما بلغ الخبر إلى الحسن بن سهل ذلك عنف سليمان بن المنصور، و كان عامل الكوفة من قبل الحسن بن سهل، و وجّه/ زهير بن المسيب في عشرة آلاف، فلقوه فهزموه، و استباحوا عسكره، و أخذوا ما كان معه من مال و سلاح و دواب و غير ذلك، و كان هذا اليوم الأربعاء سلخ جمادى الآخرة، فلما كان من الغد مات محمد بن إبراهيم، فجاءة، فيقال إن أبا السرايا سمّه [2].
و كان السبب في ذلك: أنه لما جاز ما في عسكر ابن زهير منع منه أبا السرايا، فعلم أنه لا أمر له معه، فسمّه و أقام أبو السرايا مكانه غلاما حدثا يقال له: محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، و كان أبو السرايا هو الّذي ينفّذ الأمور، و يولّي من يرى، و يعزل من يريد. و رجع زهير إلى قصر ابن هبيرة، فوجّه الحسن عبدوس بن محمد بن أبي خالد في أربعة آلاف، فتوجه إليه أبو السرايا فواقعه يوم الأحد لثلاث عشرة بقيت من رجب، فقتله و أسر هارون بن أبي خالد، و استباح عسكره بين قتيل و أسير، فلم يفلت منهم أحد، و انتشر الطالبيون في البلاد، و ضرب أبو السرايا الدراهم بالكوفة، و نقش حولها: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ[3].
و لما بلغ زهير قتل أبي السرايا عبدوسا و هو بالقصر، انحاز بمن معه إلى نهر الملك [4].