responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 15
فُرْسَانِ النَّاسِ وَشُجْعَانِهِمْ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَبْطَالِ يَوْمَئِذٍ فَقَالُوا: أَلَا تَحْمِلُ فَنَحْمِلَ مَعَكَ؟ فَقَالَ: إِنَّكُمْ لَا تَثْبُتُونَ، فَقَالُوا: بَلَى! فَحَمَلَ وَحَمَلُوا فَلَمَّا وَاجَهُوا صُفُوفَ الرُّومِ أَحْجَمُوا وَأَقْدَمَ هُوَ فَاخْتَرَقَ صُفُوفَ الرُّومِ حَتَّى خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَعَادَ إِلَى أَصْحَابِهِ.
ثُمَّ جاؤا إِلَيْهِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ فِي الْأُولَى، وَجُرِحَ يَوْمَئِذٍ جُرْحَيْنِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ جُرْحٌ.
وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي صَحِيحِهِ.
وَجَعَلَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ كَلَّمَا سَمِعَ أَصْوَاتَ الْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ زَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ، وَأَرْعِبْ قُلُوبَهُمْ: وَأَنْزِلْ عَلَيْنَا السَّكِينَةَ، وألزمنا كلمة التقوى، وجبب إلينا اللقاء، وأرضنا بالقضاء.
وخرج ماهان فأمر صاحب الميسرة وهو الدبريجان [1] ، وَكَانَ عَدُوُّ اللَّهِ مُتَنَسِّكًا فِيهِمْ، فَحَمَلَ عَلَى الْمَيْمَنَةِ وَفِيهَا الْأَزْدُ وَمَذْحِجٌ وَحَضْرَمَوْتُ وَخَوْلَانُ، فَثَبَتُوا حَتَّى صَدَقُوا [2] أَعْدَاءَ اللَّهِ، ثُمَّ رَكِبَهُمْ مِنَ الرُّومِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ.
فَزَالَ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمَيْمَنَةِ إلى ناحية القلب، وانكشف طائفة من الناس إلى العسكر، وثبت صور من المسلمين عظيم يقاتلون تحت راياتهم، وانكشف زُبَيْدٌ.
ثُمَّ تَنَادَوْا فَتَرَاجَعُوا وَحَمَلُوا حَتَّى نَهْنَهُوا مَنْ أَمَامَهُمْ مِنَ الرُّومِ وَأَشْغَلُوهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ مَنِ انْكَشَفَ مِنَ النَّاسِ، وَاسْتَقْبَلَ النِّسَاءُ مَنِ انْهَزَمَ مِنْ سَرَعَانِ النَّاسِ يَضْرِبْنَهُمْ بِالْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ وَجَعَلَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ تَقُولُ: يَا هَارِبًا عَنْ نِسْوَةٍ تَقِيَّاتْ * فَعَنْ قَلِيلٍ مَا تَرَى سبيات * ولا حصيات وَلَا رَضِيَّاتْ * [3] قَالَ: فَتَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى مَوَاقِفِهِمْ.
وَقَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ الْغَسَّانِيِّ عَنْ أَبِيهِ.
قَالَ
قَالَ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ: قَاتَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَوَاطِنَ وَأَفِرُّ مِنْكُمُ الْيَوْمَ؟ ثُمَّ نَادَى: مَنْ يُبَايِعُ عَلَى الْمَوْتِ؟ فَبَايَعَهُ عَمُّهُ الْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ، وَضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ وَفُرْسَانِهِمْ، فَقَاتَلُوا قُدَّامَ فُسْطَاطِ خَالِدٍ حَتَّى أُثْبِتُوا جَمِيعًا جِرَاحًا، وَقُتِلَ مِنْهُمْ خَلْقٌ مِنْهُمْ ضِرَارُ بْنُ الْأَزْوَرِ رِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ لَمَّا صُرِعُوا مِنَ الْجِرَاحِ استسقوا ماء فجئ إِلَيْهِمْ بِشَرْبَةِ مَاءٍ فَلَمَّا قُرِّبَتْ إِلَى أَحَدِهِمْ نظر إليه الآخر فقال: ادفعها إليها، فَلَمَّا دُفِعَتْ إِلَيْهِ نَظَرَ إِلَيْهِ الْآخَرُ فَقَالَ: ادفعها إليه، فتدافعوها كلهم مِنْ وَاحِدٍ إِلَى وَاحِدٍ حَتَّى مَاتُوا جَمِيعًا وَلَمْ يَشْرَبْهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أجمعين.

[1] قال الواقدي: أن الديرجان كان بطريقا على بصرى وهو الذي قاتل خالد وقتله عبد الرحمن بن أبي بكر.
[2] كذا بالاصل، ولعل الصواب: صدوا.
[3] الابيات في الواقدي (فتوح الشام) يا هارباً عن نساء ثقات * لها جمال ولها ثبات تسلموهن إلى الهنات * تملك نواصينا مع البنات اعلاج سوق فسق عتاة * ينلن منا أعظم الشتات (*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست