responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 14
وخالد مع كُرْدُوسٌ مِنَ الْحُمَاةِ الشُّجْعَانِ الْأَبْطَالِ بَيْنَ يَدَيِ الصُّفُوفِ، وَالْأَبْطَالُ يَتَصَاوَلُونَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَهُوَ يَنْظُرُ وَيَبْعَثُ إِلَى كُلِّ قَوْمٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمَا يَعْتَمِدُونَهُ مِنَ الْأَفَاعِيلِ، وَيُدَبِّرُ أَمْرَ
الحرب أتم تدبير.
وقال إسحاق بن بشير عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ قُدَمَاءِ مشايخ دمشق، قالوا: ثم زحف ماهان فخرج أبو عبيدة، وقد جعل على الميمة معاذ بن جبل، وعلى الميسرة قباب [1] بن أشيم الكناني، وعلى الرجالة هاشم بن عُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَلَى الْخَيْلِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، وَخَرَجَ النَّاسُ عَلَى رَايَاتِهِمْ، وَسَارَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِالْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ يَقُولُ: عِبَادَ اللَّهِ انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم، يا معاشر الْمُسْلِمِينَ اصْبِرُوا فَإِنَّ الصَّبْرَ مَنْجَاةٌ مِنَ الْكُفْرِ، وَمَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ، وَمَدْحَضَةٌ لِلْعَارِ، وَلَا تَبْرَحُوا مَصَافَّكُمْ، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدؤهم بِالْقِتَالِ، وَأَشْرِعُوا الرِّمَاحَ، وَاسْتَتِرُوا بِالدَّرَقِ، وَالْزَمُوا الصَّمْتَ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ.
وَخَرَجَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ فَجَعَلَ يُذَكِّرُهُمْ، وَيَقُولُ: يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، وَمُسْتَحْفِظِي الْكِتَابِ، وَأَنْصَارَ الْهُدَى وَالْحَقِّ، إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ لَا تُنَالُ، وَجَنَّتَهُ لَا تُدْخَلُ بِالْأَمَانِيِّ، وَلَا يُؤْتِي اللَّهُ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ الْوَاسِعَةَ إِلَّا للصادق الْمُصَدِّقَ، أَلَمْ تَسْمَعُوا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ * (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) * إلى آخر الآية؟ فَاسْتَحْيُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ مِنْ رَبِّكُمْ أَنْ يَرَاكُمْ فُرَّارًا مِنْ عَدُّوِّكُمْ، وَأَنْتُمْ فِي قَبْضَتِهِ، وَلَيْسَ لَكُمْ مُلْتَحَدٌ مِنْ دُونِهِ.
وَسَارَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي النَّاسِ وَهُوَ يَقُولُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ غضوا الأبصار واجثوا على الراكب، وَأَشْرِعُوا الرِّمَاحَ، فَإِذَا حَمَلُوا عَلَيْكُمْ فَأَمْهِلُوهُمْ حَتَّى إِذَا رَكِبُوا أَطْرَافَ الْأَسِنَّةِ فَثِبُوا وَثْبَةَ الْأَسَدِ، فَوَالَّذِي يَرْضَى الصِّدْقَ وَيُثِيبُ عَلَيْهِ، وَيَمْقُتُ الْكَذِبَ وَيَجْزِي الْإِحْسَانَ إِحْسَانًا.
لَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَيَفْتَحُونَهَا كَفْرًا كَفْرًا وَقَصْرًا قَصْرًا، فَلَا يَهُولَنَّكُمْ جُمُوعُهُمْ وَلَا عَدَدُهُمْ، فَإِنَّكُمْ لَوْ صَدَقْتُمُوهُمُ الشَّدَّ لَتَطَايَرُوا تَطَايُرَ أَوْلَادِ الْحَجَلِ.
ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو سُفْيَانَ فَأَحْسَنَ وَحَثَّ عَلَى الْقِتَالِ فَأَبْلَغَ فِي كَلَامٍ طَوِيلٍ.
ثُمَّ قَالَ حِينَ تَوَاجَهَ النَّاسُ: يَا مَعْشَرَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ حَضَرَ مَا تَرَوْنَ، فهذا رسول الله وَالْجَنَّةُ أَمَامَكُمْ، وَالشَّيْطَانُ وَالنَّارُ خَلْفَكُمْ، وَحَرَّضَ أَبُو سُفْيَانَ النِّسَاءَ فَقَالَ: مَنْ رَأَيْتُنَّهُ فارَّاً فَاضْرِبْنَهُ بِهَذِهِ الْأَحْجَارِ وَالْعِصِيِّ حَتَّى يَرْجِعَ.
وَأَشَارَ خَالِدٌ أَنْ يَقِفَ فِي الْقَلْبِ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَنْ يَكُونَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ لِيَرُدَّ الْمُنْهَزِمَ.
وَقَسَمَ خَالِدٌ الْخَيْلَ قِسْمَيْنِ فَجَعَلَ فِرْقَةً وَرَاءَ الْمَيْمَنَةِ، وَفِرْقَةً وَرَاءَ الْمَيْسَرَةِ، لِئَلَّا يَفِرَّ النَّاسُ
وَلِيَكُونُوا رِدْءًا لَهُمْ مِنْ وَرَائِهِمْ.
فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ: افْعَلْ مَا أَرَاكَ اللَّهُ، وَامْتَثَلُوا مَا أَشَارَ بِهِ خَالِدٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَأَقْبَلَتِ الرُّومُ رَافِعَةً صُلْبَانَهَا وَلَهُمْ أَصْوَاتٌ مُزْعِجَةٌ كَالرَّعْدِ، وَالْقَسَاقِسَةُ وَالْبَطَارِقَةُ تُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ وَهُمْ فِي عَدَدٍ وَعُدَدٍ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ، فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
وَقَدْ كَانَ فِيمَنْ شَهِدَ الْيَرْمُوكَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَهُوَ أَفْضَلُ من هناك من الصحابة، وكان من

[1] تقدَّم ذكره: قباث.
(*)
نام کتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث نویسنده : ابن كثير    جلد : 7  صفحه : 14
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست