وعليه : فالرواية دالّة على كون الجهل مطلقاً عذراً في ارتكاب المحرّمات ; وإن كان الأعذار ذات مراتب ، والجهالات ذات درجات .
وأمّا ما عن بعض محقّقي العصر(قدس سره) من تقريب دلالتها بأنّ قوله(عليه السلام) : «فقد يعذر الناس بما هو أعظم» دالّ على معذورية الجاهل من حيث العقوبة عند الجهل ، الشامل بإطلاقه للمعذورية عن العقوبة والنكال الاُخروي[ 1 ] ، فضعيف جدّاً ; لأنّ قوله : «فقد يعذر» لا يستفاد منه الإطلاق ; لأنّ «قد» فيه للتقليل لا للتحقيق .
وعلى أيّ تقدير : التمسّك بها للمقام محلّ إشكال ; لأنّ التعليل بأنّه كان غير قادر على الاحتياط يجعلها مختصّة بالغافل ، وهو غير محلّ البحث . وإلغاء الخصوصية مع التفاوت الفاحش لا يمكن في المقام .
الرواية العاشرة : رواية «كلّ شيء فيه حلال وحرام . . .»
ومن الروايات : قوله(عليه السلام) : «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه ، فتدعه» .
أقول : قد صدر هذه الكبرى عنهم(عليهم السلام) في عدّة روايات :
منها : في صحيحة عبدالله بن سنان المنقولة في أبواب ما يكتسب به ، عن أبي عبدالله(عليه السلام) : «كلّ شيء يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه ، فتدعه»[ 2 ] .
[1] نهاية الأفكار 3 : 231 . [2] الفقيه 3 : 216 / 1002 ، وسائل الشيعة 17 : 87 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب 4 ، الحديث 1 .