وكيف كان : فربّما يستشكل في دلالته على الشبهة الحكمية بأنّ كلمة «بعينه» قرينة على اختصاص الرواية بالشبهات الموضوعية[ 1 ] .
ولكن يمكن منع قرينية تلك الكلمة ; فإنّه تأكيد لقوله «تعرف» ، ومفاده كناية عن وقوف المكلّف على الأحكام ; وقوفاً علمياً لا يأتيه ريب .
نعم ، يرد على الرواية : أنّها بصدد الترخيص لارتكاب أطراف المعلوم بالإجمال ، فيكون وزانه وزان قوله(عليه السلام): «كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام بعينه»[ 2 ] ; فإنّ المتبادر منهما هو جواز التصرّف في الحلال المختلط بالحرام ، الذي جمع رواياته السيّد الفقيه الطباطبائي(قدس سره) في حاشيته على «المكاسب» عند بحثه عن جوائز السلطان[ 3 ] .
فوزان الروايتين وزان قوله(عليه السلام) في موثّقة سماعة : «إن كان خلط الحلال بالحرام فاختلطا جميعاً فلا يعرف الحلال من الحرام فلا بأس»[ 4 ] ، وصحيحة الحذّاء : «لا بأس به حتّى يعرف الحرام بعينه»[ 5 ] .
وعلى ذلك : فالروايتان راجعتان إلى الحرام المختلط بالحلال ، ولا ترتبطان بالشبهة البدوية .
[1] فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 364 . [2] الفقيه 3 : 216 / 1002 ، وسائل الشيعة 17 : 87 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب 4 ، الحديث 1 . [3] حاشية المكاسب ، المحقّق اليزدي 1 : 172 . [4] الكافي 5 : 126 / 9 ، وسائل الشيعة 17 : 88 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب 4 ، الحديث 2 . [5] الكافي 5 : 228 / 2 ، وسائل الشيعة 17 : 219 ، كتاب التجارة ، أبواب ما يكتسب به ، الباب 52 ، الحديث 5 .