لازماً عند الجهل بالواقع لما كان الناس في سعة ما لا يعلمون ، بل كان عليهم الاحتياط ، وهو موجب للضيق بلا إشكال .
فإن قلت : بعد العلم بوجوب الاحتياط يرتفع عدم العلم ، وينقلب إلى العلم بالشيء .
قلت : إنّ الظاهر المتبادر هو العلم بالواقع والجهل به ، وليس العلم بوجوب الاحتياط علماً بالواقع ; إذ ليس طريقاً إليه .
وإن شئت قلت : إنّ العلم المستعمل في الروايات وإن كان المراد منه المعنى الأعمّ ـ أي الحجّة لا الاعتقاد الجازم المطابق للواقع ـ ولكن الحجّة عبارة عن الطرق العقلائية والشرعية إلى الواقع التي تكشف كشفاً غير تامّ ، والاحتياط ليس منها بلا إشكال .
والشاهد على ذلك : أنّه لو أفتى أحد على الواقع لقيام الأمارة عليه لما يقال إنّه أفتى بغير علم ، وأمّا إذا أفتى بوجوب شيء لأجل الاحتياط فإنّه أفتى بغير علم .
ومن ذلك يظهر ضعف ما قيل : إنّ وجوب الاحتياط إن كان نفسياً يدفع المعارضة بين الحديث وبين أدلّة الاحتياط ; لحصول الغاية بعد العلم بوجوب الاحتياط[ 1 ] .
وجه الضعف : أنّ مفاد الحديث هو الترخيص للناس فيما ليس لهم طريق ولا علم إلى الواقع ، فلو دلّ دليل على لزوم الاحتياط في الموارد التي لم يقف المكلّف على حكم تلك الموارد لعدّ ذلك الـدليل معارضاً للحـديث الشريف ، لا رافعاً لموضوعه .