واُخرى : ما يكون المسبّب من الاُمور الواقعية التي كشف عنها الشارع ، كالطهارة والنجاسة ; فإنّها غير قابلة للرفع التشريعي ، ولا تناله يد الجعل والرفع . نعم يصحّ أن يتعلّق الرفع التشريعي بها بلحاظ ما رتّب عليها من الآثار الشرعية .
ولا يتوهّم : أنّ لازم ذلك عدم وجوب الغسل على من اُكره على الجنابة ، أو عدم وجوب التطهير على من اُكره على النجاسة ; بدعوى : أنّ الجنابة المكره عليها وإن لم تقبل الرفع التشريعي إلاّ أنّها باعتبار ما لها من الأثر ـ وهو الغسل ـ قابلة للرفع .
فإنّ الغسل والتطهير أمران وجوديان قد أمر بهما الشارع عقيب الجنابة والنجاسة مطلقاً ; من غير فرق بين الجنابة الاختيارية وغيرها[ 1 ] ، انتهى كلامه .
قلت : إنّ ما تفصّى به عن الإشكال غير صحيح ; فإنّ كونهما أمرين وجوديين لا يوجب عدم صحّة رفعهما ، كما أنّ إطلاق الدليل في الجنابة الاختيارية وغيرها لا يمنع عن الرفع ; ضرورة أنّ الغرض حكومة الحديث على الإطلاقات الأوّلية ، بل الإطلاق مصحّح للحكومة ، كما لا يخفى .
والأولى أن يقال في التفصّي عن الإشكال : إنّه قد تحقّق في محلّه أنّ الغسل مستحبّ نفسي قد جعل بهذه الحيثية مقدّمة للصلاة[ 2 ] .
وعلى ذلك : فالمرفوع بالحديث في الصورة المفروضة لو كان هو الاستحباب النفسي فغير صحيح ; لأنّ الحـديث حديث امتنان ، ولا منّـة في رفـع المستحبّات .
[1] فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 3 : 357 ـ 359 . [2] الطهارة ، الإمام الخميني(قدس سره) 2 : 9 ، مناهج الوصول 1 : 385 .