وقد أدرجنا البحث عن منصب الحكومة وتحديد من يتصدّاها في هذا المقام لاشتراكهما فيما هو الأصل الأوّلي في المقام ، وفي الأدلّة التي وردت لجعل منصبي القضاء والحكومة للفقيه العادل ; فلأجل ذلك صار المقامان مقاماً واحداً .
فنقول : لمّا كان منصب القضاء وكذا عديله ـ أعني منصب الحكومة ـ أمراً مجعولا فلا ينفذ قضاء القاضي فيما رفع إليه أمر قضائه وفصله ، كما لاينفذ حكم الحاكم فيما يدور عليه رحى الحياة المدنية ، إلاّ إذا اُعطي لهما هذان المنصبان ممّن بيده الجعل والوضع ، وصارا مصدراً لتصدّيهما من عند من له شأن النصب والرفع .
فلأجل ذلك لا مناص عن اتّباع الأدلّة ; سعةً وضيقاً في موضوعهما :
مقتضى القواعد الأوّلية في المقام
الأصل الأوّلي فـي المقام هـو عـدم نفوذ حكم أحـد في حـقّ آخـر ; قضاءً كان أو غيره . والمراد من النفوذ عدم جواز التخلّف عنه وحرمة نقضه ; وإن كان مخالفاً للواقـع . ولا يتفاوت فـي ذلك أصحاب الوحـي وأوصيائهم وأوليائهم ; لأنّ ارتقائهم إلى أعلـى درجـات الكمال لايقتضي نفوذ قضائهم وحكمهم فاصلا ; بحيث يجب اتّباعه في حـدّ نفسه ، مـا لم ينته أمـرهم إلى مـن يحكم العقل بلزوم اتّباع قضائه وحكمه .
نعم ، العقل الفطري يحكم بنفوذ حكم خالقه في عباده وخلائقه ; لكون