والالتفات ـ ملازماً لتحديد دائرة المأمور به في حال النسيان بما عدا المنسي لكان لاستفادة الإجزاء وعدم وجوب الإعادة مجال ، ولكن ذلك خارج عن عهدة حديث الرفع ; حيث إنّه ليس من شأنه إثبات التكليف بالفاقد للمنسي ، وإنّما شأنه مجرّد رفع التكليف عن المنسي مادام النسيان[ 1 ] .
قلت : قد ذكر ذلك الإشكال بعض محقّقي العصر ، غير أنّه يظهر ضعفه بعد المراجعة بما حرّرناه في مبحث الإجزاء[ 2 ] ; فإنّ معنى حكومته على الأدلّة الواقعية ليس إلاّ تقييد الدليل الدالّ على جزئيته بغير حالة النسيان ، أو تخصيصه بغير هذه الحالة ، فلو أتى بالمركّب الفاقد للجزء فقد امتثل الأمر الواقعي ، ولا معنى بعدم الإجزاء بعد امتثاله .
وبعد الوقوف على ما ذكرنا يظهر لك : أنّه لا يحتاج إلى إثبات كون حديث الرفع محدّداً لدائرة التكليف أو متعرّضاً إلى بعد حال النسيان ، أو غير ذلك ممّا هو مذكور في كلامه .
إذا عرفت ذلك : يظهر لك الخلل فيما نقلناه عن بعض الأعاظم(قدس سره)[ 3 ] ; إذ فيما أفاده مواقع للأنظار ، نشير إلى بعضها :
منها : أنّ ما هو متعلّق الرفع إنّما هو نفس الجزء المنسي بما له من الآثار ، وقد مرّ أنّ معنى رفعه إخراجه عن حدود الطبيعة المأمور بها ، وأمّا ترك الجزء فليس متعلّقاً له حتّى يرد عليه ما أفاد من أنّ الرفع لا يتعلّق بالأعدام .
ومنها : أنّ الأثر المترتّب على الجزء والشرط إنّما هو الجزئية والشرطية ،
[1] نهاية الأفكار 3 : 218 . [2] تقدّم في الجزء الأوّل : 277 ـ 278 . [3] تقدّم في الصفحة 45 .