وإن شئت قلت : إنّ العرف لا يفهم من رفعهما إلاّ رفع آثار ما أخطأ ونسي ، كما هو المتبادر إذا قيل : «جهالاتهم معفوّة» . ويدلّ على ذلك تعبير الإمام في صحيحة البزنطي ; حيث نقل الحديث بلفظ : «ما أخطأوا» .
فظهر : عدم شمول الحديث للآثار المترتّبة على نفس العناوين ، وعدم لزوم التفكيك بين فقرات الحديث ; فإنّ أكثر العناوين المذكورة في الحديث مأخوذ على نحو الطريقية ; خصوصاً فيما نسب فيه الرفع إلى الموصول ، فيكون ذلك قرينة على انتقال الذهن عند استماع إسناد الرفع إليها إلى رفع آثار معنوناتها ، لا غير .
نعم ، العناوين الثلاثة الأخيرة ـ الحسد ، والطيرة والوسوسة ـ عناوين نفسية ، لا مناص فيها إلاّ رفع ما هو آثار لأنفسها ; لعدم قابليتها على الطريقية ; وإن لزم منه التفكيك ، إلاّ أنّ هذا المقدار ممّا لابدّ منه .
وإن أبيت إلاّ عن وحدة السياق يمكن أن يقال : إنّ الرفع قد تعلّق في الجميع بعناوين نفسية حسب الإرادة الجدّية ، إلاّ أنّ ذلك إمّا بذكر نفس تلك العناوين النفسية ، أو بذكر ما هو طريق إليها ; من الخطأ والنسيان ، أو بتوسّط الموصول ، من دون تفكيك أو ارتكاب خلاف ظاهر .
الأمر الخامس : في شمول الحديث للاُمور العدمية
بعدما أثبتنا : أنّ المرفوع في الحديث هو عموم الآثار ، فهل يختصّ بالاُمور الوجودية ـ أي رفع آثار اُمور موجودة في الخارج إذا انطبق عليها إحدى تلك العناوين ـ أو يعمّ ؟
مثلاً : لو نذر أن يشرب مـن ماء الفرات ، فاُكره على الترك أو اضطـرّ إليه أو