على الأفرادي كان المراد ما لا يدرك شيء منه لا يترك شيء منه[ 1 ] ضعيف ; فإنّ الكلّ إذا ورد عليه النفي إنّما هو يفيد سلب العموم ، لاعموم السلب . وما ذكره من المعنى مبني على الثاني دون الأوّل .
وإن شئت فلاحظ قولنا : «ليس كلّ إنسان في الدار» ، تجد فرقاً بينه وبين قولنا : «ليس واحد منه فيها» ; فإنّ الثاني يفيد عموم السلب دون الأوّل . وقد عرّف المنطقيون بأنّ نقيض السالبة الكلّية هو الموجبة الجزئية[ 2 ] ; فنقيض قولنا : «كلّ إنسان حيوان» هو «ليس كلّ إنسان حيواناً» ، وهو يتوقّف على كون بعض الإنسان ليس بحيوان ، لا كلّ فرد منه .
وتوهّم : أنّ المسلوب لمّا كان متعدّداً فالسلب الوارد عليه متعدّد أيضاً ; لمكان التضائف الواقع بينهما[ 3 ] غير صحيح ; فإنّ قولنا : «ليس كلّ إنسان حيواناً» ليس قضايا متعدّدة وأساليب كثيرة .
وعليه يبتنى النزاع المعروف بين الشيخ المحقّق صاحب «الحاشية»[ 4 ] والشيخ الأعظم[ 5 ] في تعيين المفهوم المستفاد من قوله(عليه السلام) : «الماء إذا بلغ قدر كرّ لم ينجّسه شيء»[ 6 ] ; فإنّ مفهومه على المختار : أنّه إذا لم يبلغ كرّاً ليس لا ينجّسه
[1] فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 25 : 394 . [2] الجوهـر النضيد : 75 ، الحاشيـة على تهذيب المنطـق : 70 ، شرح المنظومـة ، قسم المنطق : 60 . [3] نهاية الدراية 4 : 391 ـ 392 . [4] هداية المسترشدين 2 : 460 ـ 461 . [5] الطهارة ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 1 : 318 و 321 ، مطارح الأنظار : 174 / السطر31 . [6] راجع وسائل الشيعة 1 : 158 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 9 ، الحديث 1 و 2 و 5 و 6 .